زمنه ومر عليه من معاياة عيشته كل ذلك على طريق الرواية ومذاكرة العلم ومعرفة ما صحت منه العصمة للأنبياء وما
يجوز عليهم فهذا فن خارج عن هذه الفنون الستة إذ ليس فيه غمص ولا نقص ولا إزراء ولا استخفاف لا في ظاهر اللفظ ولا في مقصد اللافظ لكن يجب أن يكون الكلام فيه مع أهل العلم وفهماء طلبة الدين ممن يفهم مقاصده ويحققون فوائده ويجنب ذلك من عساه لا يفقه أو يخشى به فتنته فقد كره بعض السلف تعليم النساء
سورة يوسف لما انطوت عليه من تلك القصص لضعف معرفتهن ونقص عقولهن وإدراكهن فقد قال صلى الله عليه وسلم مخبرا عن نفسه باستيجاره لرعاية الغنم في ابتداء حاله وقال (ما من نبي إلا وقد رعى الغنم) وأخبرنا الله تعالى بذلك عن
موسى عليه السلام وهذا لا غضاضة فيه جملة واحدة لمن ذكره على وجهه بخلاف من قصد به الغضاضة والتحقير بل كانت عادة جميع العرب، نعم في ذلك للأنبياء حكمة بالغة وتدريج لله تعالى لهم إلى كرامته وتدريب برعايتها لسياسة أممهم من خليقته بما سبق لهم من
الكرامة في الأزل ومتقدم العلم وكذلك قد ذكر الله يتمه وعيلته على طريق المنة عليه والتعريف بكرامته له فذكر الذاكر لها على وجه تعريف حاله والخبر عن مبتدئه والتعجب من منح الله قبله وعظيم منته عنده ليس فيه غضاضة بل فيه
____________________
(قوله وفهماء) بضم الفاء والمد