الإشكالات إن شاء الله فاختلف أولا في هاروت وماروت هل هما ملكان أو إنسيان، وهل هما المراد بالملكين أم لا، وهل القراءة ملكين أو ملكين، وهل ما في قوله (وما أنزل) (وما يعلمان من أحد) نافية أو موجية؟ فأكثر المفسرين أن الله تعالى امتحن الناس بالملكين لتعليم السحر وتبيينه وأن عمله كفر، فمن تعلمه كفر، ومن تركه آمن، قال الله تعالى (إنما نحن فتنة فلا تكفر) وتعليمهما الناس له تعليم إنذار أي يقولان لمن جاء يطلب تعلمه لا تفعلوا كذا فإنه يفرق بين المرء وزوجه ولا تتخيلوا بكذا فإنه سحر فلا تكفروا فعلى هذا فعل الملكين طاعة وتصرفهما فيما أمرا به ليس بمعصية وهي لغيرهما فتنة، وروى ابن وهب عن خالد بن أبي عمران أنه ذكر عنده هاروت وماروت وأنهما يعلمان السحر فقال نحن ننزههما عن هذا فقرأ بعضهم (وما أنزل على الملكين) فقال خالد لم ينزل عليهما فهذا خالد على جلالته وعلمه نزههما عن تعليم السحر الذي قد ذكر غيره أنهما مأذون لهما في تعليمه بشريطة أن يبيننا أنه كفر وأنه امتحان من الله وابتلاء، فكيف لا ينزههما عن كبائر المعاصي والكفر المذكورة في تلك الأخبار، وقوله خالد لم ينزل يريد أن (ما) نافية وهو قول ابن عباس، قال مكي وتقدير الكلام وما كفر سليمان يريد بالسحر الذي افتعلته عليه الشياطين واتبعهم في ذلك اليهود وما أنزل على الملكين، قال مكي هما جبريل وميكائيل ادعى اليهود عليهما المجئ به كما ادعوا على سليمان فأكذبهم الله في ذلك ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر. ببابل هاروت وماروت:
(١٧٦)