الأولى على سياق ما قلناه إذا كان الأنبياء يؤاخذون بهذا مما لا يؤاخذ به غيرهم من
السهو والنسيان وما ذكرته وحالهم أرفع فحالهم إذا في هذا أسوأ حالا من غيرهم، فاعلم أكرمك الله أنا لا نثبت لك المؤاخذة في هذا على حد مؤاخذة غيرهم، بل نقول إنهم يؤاخذون بذلك في الدنيا ليكون ذلك زيادة في درجاتهم ويبتلون بذلك ليكون استشعارهم له سببا لمنماة رتبهم كما قال (ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) وقال لداود (فغفرنا له ذلك) لآية وقال بعد قول موسى تبت إليك. (إني اصطفيتك على الناس) وقال بعد ذكر فتنة سليمان وإنابته (فسخرنا له الريح) إلى (وحسن مآب) وقال بعض المتكلمين زلات الأنبياء في الظاهر زلات وفى الحقيقة كرامات وزلف وأشار إلى نحو مما قدمناه وأيضا فلينبه غيرهم من البشر منهم أو ممن ليس في درجتهم بمؤاخذتهم بذلك فيستشعروا الحذر ويعتقدوا المحاسبة ليلتزموا
الشكر على النعم ويعدوا
الصبر على المحن بملاحظة ما وقع بأهل هذا النصاب الرفيع المعصوم فكيف بمن سواهم، ولهذا قال صالح المري ذكر داود بسطة للتوابين، قال ابن عطاء لم يكن ما نص الله تعالى من قصة صاحب الحوت نقصا له ولكن استزادة من
نبينا صلى الله عليه وسلم وأيضا فيقال لهم فإنكم ومن وافقكم تقولون بغفران الصغائر باجتناب الكبائر ولا خلاف في عصمة الأنبياء من الكبائر فما جوزتم من وقوع الصغائر عليهم هي مغفورة على هذا فما معنى
____________________
(قوله ويعدوا) بضم أوله وكسر ثانيه مضارع أعد (قوله صالح المري) بضم الميم وتشديد الراء وياء للنسبة إلى مرة الواعظ الزاهد ابن بشير بفتح الموحدة وكسر الشين المعجمة