قال ابن جريج قال ذلك من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن
يقتل حتى يؤمر، وقال النقاش: لم
يقتله عن عمد مريدا
للقتل وإنما وكزه وكزة يريد بها دفع ظلمه قال وقد قيل إن هذا كان قبل النبوة وهو مقتضى للتلاوة وقوله تعالى في قصته (وفتناك فتنا) أي ابتليناك ابتلاء بعد ابتلاء قيل في هذه القصة وما جرى له مع فرعون وقيل إلقاؤه في التابوت واليم وغير ذلك وقيل معناه أخلصناك إخلاصا قاله ابن جبير ومجاهد من قولهم فتنت الفضة في النار إذا خلصتها وأصل الفتنة معنى الاحتبار وإظهار ما بطن إلا أنه استعمل في عرف الشرع وفى اختبار أدى إلى ما
يكره وكذلك ما روى في الخبر الصحيح من أن ملك
الموت جاءه فلطم عينه ففقأها (الحديث) ليس فيه ما يحكم على
موسى عليه السلام بالتعدي وفعل ما لا يجب إذ هو ظاهر الأمر بين الوجه جائز الفعل لأن موسى دافع عن نفسه من أتاه لإتلافها وقد تصور له في صورة آدمي ولا يمكن أنه علم حينئذ أنه ملك
الموت فدافعه عن نفسه مدافعة أدت إلى ذهاب عين تلك الصورة التي تصور له فيها الملك امتحانا من الله فلما جاءه بعد وأعلمه الله تعالى أنه رسوله إليه استسلم، وللمتقدمين والمتأخرين على هذا الحديث أجوبة هذا أسدها عندي وهو تأويل شيخنا الإمام أبى عبد الله المازري وقد تأوله قديما ابن عائشة وغيره على صكه ولطمه بالحجة وفق ء عين حجته وهو كلام مستعمل في هذا الباب في اللغة ومعروف * وأما قصة سليمان وما حكى فيها أهل التفاسير من ذنبه وقوله ولقد فتنا سليمان فمعناه ابتليناه وابتلاؤه ما حكى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين
____________________
(قوله أسدهما) بالسين المهملة، من السداد.