لتقريب التفهيم للغامض والتبيين للمشكل إلى تمهيد قواعد الشرع الذي لا تناقض فيه ولا تخاذل مع اشتمال شريعته على محاسن الأخلاق محامد الآداب وكل شئ مستحسن مفصل لم ينكر منه ملحد ذو عقل سليم شيئا إلا من جهة الخذلان بل كل جاحد له وكافر من
الجاهلية به إذا سمع ما يدعو إلى صوبه واستحسنه دون طلب إقامة برهان عليه ثم ما أحل لهم من الطيبات وحرم عليهم من الخبائث وصان به أنفسهم وأعراضهم وأموالهم من المعاقبات والحدود عاجلا والتخويف بالنار آجلا مما لا يعلم علمه ولا يقوم به ولا ببعضه إلا من مارس الدرس والعكوف على الكتب ومثافنة بغض هذا إلى الاحتواء على ضروب العلم وفنون المعارف كالطب والعبارة والفرائض والحساب والنسب وغير ذلك من العلوم مما اتخذ أهل هذه المعارف كلامه صلى الله عليه وسلم فيها قدوة وأصولا في علمهم كقوله صلى الله عليه وسلم (الرؤيا لأول عابر وهي على رجل طائر) وقوله (الرؤيا ثلاث رؤيا حق ورؤيا يحدث بها الرجل نفسه ورؤيا تحزين من الشيطان) وقوله (إذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا
____________________
(قوله والعبارة) بكسر العين هي تعبير الرؤيا (قوله وهي على رجل طائر رجل بكسر الراء وسكون الجيم، قال الهروي أي على قدر جار وقضاء ماض من خير أو شر وقال ابن الأثير هو من قولهم اقتسموا دارا فطار سهم فلان إلى ناحية كذا يعنى أن الرؤيا وهي التي يعبرها المعبر الأول فكأنها سقطت ووقعت حيث عبرت كما يسقط الذي يكون على رجل الطائر بأدنى حركة وقال ابن قتيبة أراد أنها غير مستقرة يقال للشئ إذا لم يستقر هو على رجل طائر وبين مخالب طائر وعلى قرن ظبي (قوله إذا تقارب الزمان) قيل هو اقتراب الساعة وقيل تقارب الليل والنهار من الاعتدال