فصل في إعجاز
القرآن اعلم وفقنا الله وإياك أن
كتاب الله العزيز منطو على وجوه من الإعجاز كثيرة وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه: أولها حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ووجوه إيجازه وبلاغته لخارقة عادة العرب وذلك أنهم كانوا أرباب هذا الشأن وفرسان الكلام قد خصوا من البلاغة والحكم ما لم يخص به غيرهم من الأمم وأوتوا من ذرابة اللسان ما لم يؤت إنسان ومن
فصل الخطاب ما يقيد الألباب جعل الله لهم ذلك طبعا وخلقه وفيهم غريزة وقوة يأتون منه على البديهة بالعجب ويدلون به إلى كل سبب فيخطبون بديها في المقامات وشديد الخطب ويرتجزون به بين
الطعن والضرب ويمدحون ويقدحون ويتوسلون ويتوصلون ويرفعون ويضعون فيأتون من ذلك بالسحر الحلال ويطوقون من أوصافهم أجمل من سمط اللآل فيخدعون الألباب ويذللون الصعاب ويذهبون الإحن ويهجون الدمن ويجرؤن الجبان ويبسطون يد الجعد
____________________
(قوله ذرابة اللسان) بفتح الذال المعجمة والراء المخففة والباء الموحدة أي حذقه (قوله يقيد) بمثناة تحية مضمومة وقاف مفتوحة بعدها مثناة تحتية مشددة مكسورة (قوله ويدلون) بضم أوله وسكون ثانيه (قوله ويطوقون) بضم أوله وتشديد الواو المكسورة بعدها قاف (قوله من سمط) بكسر السين المهملة، في الصحاح: الخيط ما دام فيه الخزف سمط وإلا فهو سلك (قوله الإحن) بكسر الهمزة وفتح المهملة جمع إحنة بكسر الهمزة وسكون المهملة وهي الحقد (قوله ويهيجون) بضم أوله وفتح ثانيه وكسر ثالثه مشدد ويجوز فتح أوله وكسر ثانيه وسكون ثالثه يقال هاج الشئ وهاجه غيره وهيجته وهاجه (قوله والدمن) بكسر المهملة وفتح الميم جمع دمنة بكسرها وسكون الميم وهي الحقد (قوله الجعد البنان) الجعد بفتح الجيم وسكون العين