على خمسمائة عام فما قدروا على إطفاء شئ من نوره ولا تغيير كلمة من كلامه ولا تشكبك المسلمين في حرف من حروفه والحمد لله منه قوله (سيهزم الجمع، يولون الدبر) وقوله (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم) الآية وقوله (هو الذي أرسل رسوله بالهدى) الآية وقوله (لن يضروكم إلا أذى إن يقاتلوكم) الآية فكان كل ذلك وما فيه من كشف أسرار المنافقين واليهود ومقالهم وكذبهم في حلفهم وتقريعهم بذلك كقوله (ويقولون في أنفسهم لولا يعذبا الله مما نقول) وقوله (يخفون في أنفسهم مالا يبدون لك) لآية وقوله (من الذين هادوا سماعون للكذب) الآية، وقوله (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه - إلى قوله - في الدين) وقد قال مبديا ما قدره الله وأعتقده المؤمنون يوم بدر (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) ومنه قوله تعالى (إنا كفيناك المستهزئين) ولما نزلت بشر
النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أصحابه بأن الله كفاه إياهم وكان المستهزؤون نفرا
بمكة ينفرون الناس عنه ويؤذونه فهلكوا، وقوله (والله يعصمك من الناس) فكان كذلك على كثرة من رام ضره وقصد
قتله والأخبار بذلك معروفة صحيحة.
(فصل) الوجه الرابع ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة والأمم البائدة والشرائع الداثرة مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ
____________________
(قوله إلا الفذ) بفتح الفاء وتشديد الذال المعجمة. أي الفرد