(فصل) وأما الخصال المكتسبة من الأخلاق الحميدة والآداب الشريفة التي اتفق جميع العقلاء على تفضيل صاحبها وتعظيم المتصف بالخلق الواحد منها فضلا عما فوقه وأثنى الشرع على جميعها وأمر بها ووعد السعادة الدائمة للمتخلق بها ووصف بعضها بأنه من أجزاء النبوة وهي المسماة بحسن الخلق وهو الاعتدال في قوى النفس وأوصافها والتوسط فيها دون الميل إلى منحرف أطرافها، فجميعها قد كانت خلق نبينا صلى الله عليه وسلم على الانتهاء في كمالها والاعتدال إلى غايتها حتى أثنى الله عليه بذلك فقال تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم) قالت عائشة رضي الله عنها: كان خلقه القرآن يرضى برضاه ويسخط بسخطه، وقال صلى الله عليه وسلم (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، قال أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، وعن علي بن
____________________
(قوله ومعرق بضم الميم وسكون العين المهملة وكسر الراء، في الصحاح أعرق الرجل صار عريقا وهو الذي له عرق في الكرم (قوله بإضرابه) بكسر الهمزة مصدر اضرب أي أعرض (قوله يرضى برضاه) أي يرضى برضاء القرآن ويسخط بسخط القرآن، يعنى أن رضاه لم يكن إلا لأوامر الله، وسخطه لم يكن إلا لنواهيه،