وذلك أن هذا الرضا أيضا إن كان عن شئ تقدم منهم فرضي عنهم في ذلك حين تابوا منه ورجعوا عنه فهذا بإجماع قول الناس نزل في عام الحديبية حين وقعت الهدنة بين رسول الله (ص) وبين قريش فأنكر ذلك جماعة من الصحابة وكان يومئذ معه ألف وسبعمائة رجل فخالفوا رسول الله (ص) في أمره حين أعطى قريش ما التمسوه من الهدنة فقالوا لرسول (ص) لا نرضى بهذا الصلح ولا نعطي الدية في ديننا ونحن على الحق وهم على الباطل فأخذ رسول الله (ص) عند ذلك بيد علي عليه السلام فجلسا تحت الشجرة ونزل القوم الذين خالفوه فأخذ المسلمون السلاح فحملوا على قريش حملة رجل واحد فحملت عليهم قريش فانهزموا من بين أيديهم يقع بعضهم على بعض في الهزيمة وتبعتهم قريش فأمر رسول الله (ص) عند ذلك عليا عليه السلام أن يلقي قريش فيردها فقام علي عليه السلام في وجوه قريش فصاح بهم فارتعدوا وقالوا جاء علي بأمر، ثم قالوا يا علي هل بدا لابن عمك فيما أعطانا من الهدنة فقال لا فهل بدا لكم أنتم قالوا لا قال فانصرفوا فرجعت قريش وسار وفد منهم إلى رسول الله (ص) فكتبوا كتاب الهدنة والصلح بشرطها وندم أصحاب الرسول (ص) على ما كان منهم من الخلاف على رسول الله (ص) فاعتذروا إليه فأقبل الرسول " ص " يوبخهم بذكر المواطن التي هربوا فيها وأسلموا الرسول (ص) في معارك الحرب فقال ألستم الذين أنزل الله فيكم يوم بدر كذا ثم الذين كان منكم كذا وكذا حتى عدد عليهم المواطن التي كان منهم فيها الفشل والفضيحة والهزيمة فاعتذروا عند ذلك وأظهروا التوبة والاعتراف بالذنب فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألا تعودوا إلا البيعة فقد نقضتم ما كان لي في أعناقكم بخلافكم علي فبايعوه عند ذلك تحت الشجرة وبايعهم بيعة الرضوان عنهم من ذلك الخلاف وتلك الخطيئة في ذلك الموطن من الحديبية وكان هذا رضوانا من شئ معلوم بعد سخط وقع عليهم فيه فأنزل الله عند ذلك يعرفهم أنه قد
(٧٠)