يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا) وذلك أن أهل الفهم والمعرفة قد علموا أن عمر لم يكن أشجع قلبا من رسول الله - ص - ولا أعز عشيرة فبأي حال يعهد في عمر أنه منع من عبادة الله سرا حين أسلم لشجاعته أم لعظمة قدره وعز عشيرته ولم يكن في قريش أخل من عشيرته ولا أقل عزا من أهل بيته ولا في نفسه من الرؤساء المطاعين في قريش والعرب، فلما بطل الوجهان اللذان فيهما يقدر ذلك ثبت الرواية في ذلك عن أهل البيت عليهم السلام، فنقول إن سل عمر سيفه يوم أسلخ وقوله لا يعبد الله سرا بعد اليوم كان ذلك خطأ منه في قول العلماء من أوليائه وكان ذلك كفرا منه في قول آخرين، أما بيان خطأه فإن الأمة مجمعة على أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان ينهى أصحابه عن قتال قريش ويأمرهم بالصبر على الأذى طول مقامه بمكة فلما اشتد الأذى بأصحابه الذين أسلموا معه شكوا ذلك إليه مرة بعد أخرى وسألوه أن يطلق لهم دفع الأذى عن أنفسهم وإلا فلا صبر لهم على ذلك فلم يطلق لهم ذلك وولى عليهم جعفر بن أبي طالب - ع - وأمرهم بالخروج معه إلى بلاد الحبشة إلى النجاشي ليقيموا بها فلما أسلم عمر وسل سيفه على تلك الحالة منعه رسول الله صلى الله وآله وسلم وأعلمه أنه لم يؤمر بحرب وأمره بغمد سيفه والرضا بما هو عليه من الصبر على الأذى وهذا بإجماع أهل الرواية من نهيه لعمر من ذلك، فدل هذا على أنه كان منه خطأ في قول أوليائه ولم يكن حقا ولا لله فيه رضا إذ كان الرسول - ص - لا ينهى عن حق ولا يكره ما لله فيه رضا وكلما ينهى عنه الرسول - ص - ففعله خطأ وجهل وهو لله ولرسوله غير رضا بل كان ذلك دليلا على جهله وقلة فهمه، وأما قول أهل البيت عليهم السلام في ذلك فإنهم قالوا إن عمر كان معاضدا لأبي جهل في قصد رسول الله - ص - بالأذى الشديد وكان عمر يحرض على قتل رسول الله - ص - فلم تكن قريش تجد إلى ذلك سبيلا لاستعمال رسول الله - ص - الصبر إلى الأذى وكفه لأصحابه عن منابذتهم
(٧٥)