ويهديهم ويرشدهم قيل لهم أن أهل الجنة لا تكليف عليهم ولا جهل فيهم فلا حاجة لهم إلى تعليم ولا إلى إرشاد، ولو كانوا محتاجين إلى ذلك لكان أنبياؤهم ورسلهم أحق بذلك من عمر إلا أن يقولوا أن عمر في الجنة أعلم وأفضل من الأنبياء فيحق عليهم اللعنة من الله ورسوله والملائكة وجميع عباده، ولعمري أن هذا الخبر يوجب عليهم هذا القول ويلزمهم أن يقولوا إن عمر أفضل من جميع الخلق والأنبياء والرسل والملائكة إذ كان الله جعل رسوله سراجا لأهل الدنيا وجعل عمر سراجا لأهل الجنة وسراج أهل الجنة أجل وأفضل وأرفع وأعظم منزلة من سراج أهل الدنيا ولم يبق بعد الهداية والارشاد في معنى السراج إلا الضياء من المصباح من النار والشمس والقمر والنجوم وما شاكل ذلك مما يستضاء به في الظلمة أو نضارة الوجه وحسنه فيبتهج به من يراه، ولا وجه آخر نعرف في معنى السراج غير هذه الوجوه، فإن زعموا أنه أراد بذلك ضياء أهل الجنة فما في الجنة ظلمة فيحتاجون إلى ضياء سراج فيها يستضيئون به، وهذا قول جاهل غافل غوي، وإن قالوا أراد بذلك حسن الوجه ونضارته قيل لهم وجه عمر أحسن في الجنة وأنضر من وجوه الأنبياء والمرسلين، فإن قالوا أن وجه عمر أحسن كفروا، وإن قالوا وجوه الأنبياء والمرسلين أحسن قيل لهم قد استغنوا بحسن وجوه أنبيائهم ورسلهم عن وجه عمر ما يدل على أنه كان أقبح الناس وجها وأشنعهم منظرا، هذا مع ما يلزمهم في هذا الخبر من تفضل عمر على أبي بكر إذ كان عمر سراجا لأبي بكر في الجنة بزعمهم أنه سراج أهل الجنة وأبو بكر عندهم من أهل الجنة، ويلزمهم أيضا أن يجعلوه أفضل من الأنبياء والمرسلين إذا كانوا من أهل الجنة وعمر وسراجهم ومن توهم هذا أو ظنه فقد حق عليه غضب الله وسخطه واستحق أليم عذابه وشديد عقابه.
(٥٩)