الأزد الذي قد أعمى الله قلبه كما أعمى عينيه، ائتوني به! قال: فانطلقت رسل عبيد الله (1) بن زياد إلى عبد الله بن عفيف، وبلغ ذلك الأزد فاجتمعوا، واجتمع معهم أيضا قبائل اليمن ليمنعوا عن صاحبهم عبد الله بن عفيف. وبلغ ذلك ابن زياد فجمع قبائل مضر وضمهم إلى محمد بن الأشعث وأمره بقتال القوم.
قال: فأقبلت قبائل مضر نحو اليمن ودنت منهم اليمن، فاقتتلوا قتالا شديدا، فبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إلى أصحابه يؤنبهم، فأرسل إليه عمرو بن الحجاج يخبره باجتماع اليمن عليهم. قال: وبعث إليه شبث (2) بن الربعي: أيها الأمير! إنك قد بعثتنا إلى أسود الآجام فلا تعجل قال: واشتد قتال القوم حتى قتل جماعة منهم من العرب، قال: ودخل أصحاب ابن زياد إلى دار ابن عفيف فكسروا الباب واقتحموا عليه، فصاحت به ابنته: يا أبت! أتاك القوم من حيث لا تحتسب! فقال: لا عليك يا ابنتي! ناوليني السيف، قال: فناولته فأخذه وجعل يذب عن نفسه وهو يقول:
أنا ابن ذي الفضل العفيف الطاهر * عفيف شيخي وابن أم عامر كم دارع من جمعهم وحاسر * وبطل جندلته مغادر قال: وجعلت ابنته تقول: يا ليتني كنت رجلا فأقاتل بين يديك اليوم هؤلاء الفجرة قاتلي العترة البرزة. قال: وجعل القوم يدورون عليه من خلفه وعن يمينه وعن شماله وهو يذب (3) عن نفسه بسيفه، وليس يقدر أحد أن يتقدم إليه، قال:
وتكاثروا عليه من كل ناحية حتى أخذوه. فقال جندب بن عبد الله الأزدي، إنا لله وإنا إليه راجعون! أخذوا والله عبد الله بن عفيف فقبح والله العيش من بعده.
قال: ثم أتي به حتى أدخل على عبيد الله بن زياد، فلما رآه قال: الحمد لله الذي أخزاك، فقال له عبد الله بن عفيف: يا عدو الله بهذا أخزاني، والله لو فرج الله عن بصري لضاق عليك موردي ومصدري. قال: فقال ابن زياد: يا عدو نفسه! ما تقول في عثمان بن عفان رضي الله عنه؟ فقال: يا بن عبد بني علاج! يا بن مرجانة وسمية! ما أنت وعثمان بن عفان؟ عثمان أساء أم أحسن وأصلح أم أفسد، الله تبارك وتعالى ولي خلقه يقضي بين خلقه وبين عثمان بن عفان بالعدل والحق، ولكن سلني