توماء (1)، ثم أتي بهم حتى وقفوا على درج باب المسجد حيث يقام السبي. وإذا الشيخ قد أقبل حتى دنا منهم وقال: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم وأراح الرجال من سطوت كم وأمكن أمير المؤمنين منكم. فقال له علي بن الحسين: يا شيخ! هل قرأت القرآن؟ فقال: نعم قد قرأته، قال: فعرفت هذه الآية (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (2)؟ قال الشيخ: قد قرأت ذلك، قال علي بن الحسين رضي الله عنه: فنحن القربى يا شيخ! قال: فهل قرأت في سورة بني إسرائيل:
(وآت ذا القربى حقه) (3)؟ قال الشيخ: قد قرأت ذلك، فقال علي رضي الله عنه: نحن القربى يا شيخ! ولكن هل قرأت هذه الآية (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) (4). [قال الشيخ: قد قرأت ذلك، قال علي] (5): فنحن ذو القربى يا شيخ! ولكن هل قرأت هذه الآية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (6)؟ قال الشيخ: قد قرأت ذلك، قال علي: فنحن أهل البيت الذين خصصنا بآية الطهارة. قال: فبقي الشيخ ساعة ساكتا نادما على ما تكلمه، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم! إني تائب إليك مما تكلمه ومن بغض هؤلاء القوم، اللهم إني أبرأ إليك من عدو محمد وآل محمد من الجن والإنس.
قال: ثم أتي بهم حتى أدخلوا على يزيد وعنده يومئذ وجوه أهل الشام، فلما نظر إلى علي بن الحسين رضي الله عنه قال له: من أنت يا غلام؟ فقال: أنا علي بن الحسين، فقال: يا علي! إن أباك الحسين قطع رحمي وجهل حقي ونازعني سلطاني، فصنع الله به ما قد رأيت، فقال علي بن الحسين: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير) (7). فقال يزيد لابنه خالد (8): أردد عليه يا بني! فلم يدر خالد ما ذا يقول (9)،