على القتال وهو يقول: يا أهل الشام! إياكم والفرار، فإنه سبة وعار، قدموا على أهل العراق، فإنهم أهل فتنة ونفاق، ثم جعل يقول:
إذا ما فررنا كان أسوأ فرارنا * صدود خدود وازوار المناكب صدود الخدود والقنا متراكب * ولا يخرج العماء غير التضارب (1) قال: فصاح (2) أصحاب الصفوف الذين قيدوا أنفسهم بالعمائم: والله لا برحنا هذه العرصة أو يرضى معاوية. فتقدم سعيد بن قيس الهمذاني في همذان، وتقدم عدي بن حاتم في طيء، وتقدم الأشتر في مذحج، وتقدم الأشعث في كندة، وجعل كل رئيس من رؤساء العراق يقدم قومه، حتى اجتمع منهم خلق كثير، ثم كبروا وحملوا على تلك الصفوف الأربعة، فقتلوا منها على زيادة ثلاثة آلاف فارس (3) في بقعة واحدة، ثم حملوا على جمهور أصحاب معاوية حتى علوهم فألجؤوهم إلى تل فصعدوا عليه، وصعدت همذان في إثرهم خاصة فحذروهم من التل وأخذت السيوف هام الرجال.
قال: وجعل معاوية يمد أصحابه وعلي يمد أصحابه، فصار عمار بن ياسر يقول: صبرا عباد الله صبرا! فإن الجنة تحت ظلال السيوف والأسنة. قال: فجعلت كندة تقاتل لكندة، وطئ لطئ، ومذحج لمذحج، والأزد للأزد، وبجيلة لبجيلة، وهمذان لهمذان، وتميم لتميم، وكل قوم يقاتلون عشائرهم، فلم يزالوا على ذلك من وقت اعتدال الشمس إلى أن حانت المغرب، ما كانت الصلاة إلا بالتكبير.
قال: جعل هاشم المرقال يقول: ليعملن أمير المؤمنين بأني سألف اليوم من جماجم القوم لألفنهم لف رجل ينوي الآخرة إن شاء الله! وجعل يقاتل قتالا لم ير الناس مثله.
قال: وجعلت الزرقاء بنت عدي بن قيس (4) الهمذانية تحرض قومها على