قال: فقال معاوية: والله يا معشر اليمن! ما خلطت بكم إلا ثقاتي، والذي لكم فهو لي. فرضيت اليمن بذلك وسكتوا.
وبلغ ذلك أهل العراق، فوثب المنذرين بن الجارود (1) العبدي إلى علي رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين! إننا لا نقول كما قال صاحب أهل الشام لمعاوية، ولكنا نقول زاد الله في هداك وسرورك، ووالله ما نظرت إلينا ساعة قط إلا بنور الله، قدمت رجالا وأخرت رجالا، فعليك أن تقول وعلينا أن نفعل، نت الأب ونحن البنون، فإن تهلك فهذان الحسن والحسين أئمتنا من بعدك حتى الممات - والسلام -. قال ثم أنشأ يقول:
أبا حسن أنت شمس النهار * وهذان في الداجيات (2) القمر وأنت وهذان حتى الممات * بمنزلة السمع بعد البصر وأنتم أناس لكم سورة * بقصر عنها أكف البشر يخبر بالناس عن فضلكم * وفضلكم اليوم فوق الخبر عقدت لقوم ذوي نجدة * من أهل الحياء وأهل الخطر مساميح في الحرب عند الوغاء * كرام وإخواننا من مضر (3) ومن حي ذي يمن عصبة (4) يقيمون في الحادثات الصعر فكل يسرك في قومه * فمن قال لا لا بفيه الحجر ونحن الفوارس يوم الزبير * وطلحة إذ قيل أودى غدر ضربناهم قبل نصف النهار * إلى الليل حتى أبدنا الوطر (5) فلم يأخذ الضرب إلا الرؤوس * ولم يأخذ الطعن إلا الثغر فنحن أولئك في أمسنا * وكنا كذلك فيمن غبر قال: فلم يبق أحد في ربيعة إلا أتحف صاحب هذا الشعر وأهدى إليه على قدر ما أمكنه.