قال: ثم خرج عمور نحو الأشتر في زهاء أربعمائة رجل من أبطال أهل الشام، قال: ونظرت مذحج إلى عمرو وقد خرج إلى الأشتر في هذه الخيل، فصار إلى الأشتر زهاء مائتي رجل من النخع وقبائل مذحج، وتقدم عمرو بن العاص أمام الخيل وهو يرتجز ويقول:
يا ليت شعري كيف لي بمالك * كم حالك قد حيه وحالك (1) وفاتك قد قدته 0 2) وفاتك * ونابل فتكته وباتك وفارس طاح (3) بوجه حالك * هذا وهذا عرضة المهالك قال: فقصده الأشتر وهو يقول:
يا ليت شعري كيف لي بعمرو * ذاك الذي أوجبت فيه نذري ذاك الذي أطلبه بوتري * ذاك الذي فيه شفاء صدري ذاك الذي إن ألقه لعمري * تغلي به عند اللقاء قدري قال: وحملت الخيلان بعضها على بعض، وأفضى الأشتر إلى عمرو ليطعنه، فراوغه عمرو فلم تغن المراوغة شيئا، فطعنه الأشتر طعنة أراد بها بطنه فوقعت الطعنة في السرج، فكسر القربوص وانقطع الحزام واللبب، وانكسر الرمح في يد الأشتر وسقط عمرو على وجهه، فانهشم أنفه واندقت رباعيته، وجالت الخيل بين الأشتر وبين عمرو، فانفلت عمرو لما به. فقال له مروان: أبا عبد الله! ما شأنك؟ فقال عمرو: قد ترى ما أنا فيه، فقال: لا عليك فإنك قد أخذت مصر بهذا وأشباهه.
قال: فغضب لعمرو غلام من حمير (4)، ثم خرج نحو الأشتر وهو يقول:
إن كان (5) عمرو قد علاه الأشتر * فذاك والله لعمري مفخر يا عمرو يكفيك الطعان حمير * واليحصبي بالطعان أمهر دون اللواء اليوم موت أحمر * وأسمر فيه سنان أزهر