ثم خرج من بعده فارس من فرسان الشام يقال له عامر بن نوزة العامري على فرس له حتى وقف بين الجمعين ما يبين منه شيء لكثرة ما عليه من السلاح وهو يقول:
من ذا يبارز عامري الصابر * الماجد الطيب ثم الطاهر في الذروة العليا رهط عامر * ليس بكذاب ولا بفاجر في الذروة العليا رهط عامر * ليس بكذاب ولا بفاجر قال: فهم حجر بن عدي بالخروج إليه فسبقه الأشتر وهو يقول:
وافاك من طالبت يا عامر * فاثبت فأنت الفاجر الخاسر وأنت لا شك من الكوافر * وجاحد أنت برب قادر قال: فحمل عليه عامر والتقيا (1) للطعان، فطعنه الأشتر طعنة فتق بها درعه ووصل السنان إلى خاصرته فجدله قتيلا. قال وخرج آخر من أهل الشام فما نطق بحرف حتى شد عليه الأشتر فقتله، وخرج إليه آخر فقتله، حتى قتل جماعة.
قال: واشتد ذلك على معاوية، فأقبل على مروان بن الحكم فقال: ويحك يا مروان! إن الأشتر قد غمني (2) وأبلغ مني فأخرج إليه في هذه الخيل التي بين يديك فقاتله، فقال مروان بن الحكم. ادع لها عمرو بن العاص فإنه شعارك ودثارك، فقال معاوية وأنت (3) روحي دون جسدي، فقال: لو كنت عندك كذلك لألحقتني به في العطاء وألحقته بي في الحرمان، فقال: يا هذا! قنعني (4) الله عنك، فقال مروان:
أما إلى اليوم فلا.
ثم أقبل معاوية على عمرو فقال: يا أبا عبد الله! أحب أن تخرج إلى الأشتر في خيلك هذه التي معك، فقد غمني أمره في هذه اليوم، وقد قتل جماعة من فرسان الشام، فقال عمرو: إذا أخرج إليه ولا أقول كما قال مروان، فقال معاوية: وكيف تقول ذلك وقد قدمتك وأخرته وأدخلتك وأخرجته وأعطيتك وأحرمته! فقال عمرو:
ولا عليك يا معاوية! فوالله قدمتني كافيا وأدخلتني ناصرا (5).