قد صابرت في حربها كنانه * والله يجزيها بها جنانه من أفرغ الصبر عليه زانه * أو غلب الشر (2) عليه شانه أو كفر الله فقد أهانه * غدا يعض من ندم بنانه قال: فقاتلوا قتالا شديدا حتى أنكوا في أهل الشام يومهم ذاك إلى الليل، إلى أن أقبل أبو الطفى إلى لي رحمة الله عليه فقال: يا أمير المؤمنين! إنك قد أخبرتنا من قومنا، فقتيلنا شهيد وحقنا (3) تأثر، فاطلب بمن بقي بثأر من مضى، فإننا وإن كنا قد ذهب صفونا وبقي كدرنا فإن لنا دينا لا يميل به الهوى، قال: وأثنى عليه خيرا وجزاه وقومه خيرا.
فلما كان من الغد تقدم عمير بن عطارد التميمي في قومه من بني تميم وجعل يقول: يا بني تميم! إنني أتبع في آثار أبي الطفيل فاتبعوا أنتم آثار بني كنانة! ثم تقدم برايته وجعل يرتجز ويقول:
قد صابرت في حربها تميم * إن تميما حقها (4) عظيم لها حديث ولها قديم * إن الكريم نسله كريم ثم حمل مع قومه فطعن برايته حتى خضبها، وقاتل أصحابه قتالا شديدا حتى أمسوا.
وأقبل عمير إلى علي فقال: يا أمير المؤمنين! إنه قد كان ظني بقومي حسنا وقد رأيت منهم فوق ظني بهم، قاتلوا على كل جهة وبلغوا الجهد في عدوهم، فقال له علي رضي الله عنه: صدقت قد كان ذلك، ثم أثنى عليه وعلى قومه خيرا.
فلما كان من الغد قبيصة بن جابر في قومه من بني أسد، ثم قال: يا بني أسد! أما أنا فلا أقصر عن فعل صاحبي، وأما أنتم فذلك إليكم، ثم تقدم برايته فخضبها من دم أهل الشام وجعل يرتجز ويقول: