كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ٧٥
بأننا على حق وأنكم على باطل، وأن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، فقال عمرو: فهل تستطيع أن تجمع بيني وبينه؟ قال أبو نوح: نعم وها هو واقف في ثلاثين رجلا من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
فأقبل عمرو بن العاص حتى وقف قريبا من أصحاب علي ومعه نفر من أصحاب معاوية (1). قال: ونظر إليهم عمار فأرسل إليهم برجل من عبد القيس يقال له عوف بن بشر، فأقبل حتى إذا كان قريبا منهم نادى بأعلى صوته: أين عمرو بن العاص؟ فقال عمرو: ها أنا فهات ما عندك! فقال: هذا عمار قد حضر، فإن شئت فتقدم إليه! قال عمرو: فسر إلينا حتى نكلمك، فقال: أنا أخاف غدراتك، قال عمرو: فما الذي جراك وأنت على هذه الحالة؟ فقال له عوف بن بشر: الله جرأني عليك وبصرني فيك وفي أصحابك، فأن شئت نابذتك وإن شئت التقيت أنت وخصماؤك، فقال له عمرو: من أنت يا أخي؟ قال: أنا عوف بن بشر الشني رجل من عبد القيس، قال عمرو: فهل لك أن أبعث لك بفارس يواقفك؟ فقال له عوف:
ما أنا بمستوحش من ذلك فابعث إلى أشقى أصحابك، فقال عمرو لأصحابه: أيكم يخرج إليه فيكلمه؟ فقال أبو الأعور: أنا إليه أسير، ثم أقبل إليه أبو الأعور حتى واقفه، فقال له عوف (2): إني لأرى رجلا لا أشك أنه من أهل النار إن كان مصرا على ما أرى، فقال له أبو الأعور: لقد أعطيت لسانا حديدا أنكبك (3) الله في نار جهنم، فقال عوف: كلا والله! إني لا أتكلم إلا بالحق، ولا أنطق إلا بالصدق، وإني أدعو إلى الهدى، وأقاتل أهل الضلال، وأفر من النار، وأنت رجل تشتري العقاب بالمغفرة والضلالة بالهدى، فانظر إلى وجوهنا ووجوهكم وسيمانا وسيماكم، واسمع إلى دعوانا ودعواكم، فليس منا أحد إلا وهو أولى بمحمد صلى الله عليه وسلم وأقرب إليه منكم، فقال أبو الأعور: أكثرت الكلام وذهب النهار، فاذهب فادع أصحابك وأدعو أصحابي، وأنا جار لك حتى تأتي موقفك هذا الذي أنت فيه، ولست أبدأك بغدر حتى تأتي أنت وأصحابك.

(١) وكان معه: ابناه عبد الله ومحمد، وعتبة بن أبي سفيان وذو الكلاع وأبو الأعور السلمي وحوشب، والوليد بن عقبة بن أبي معيط (وقعة صفين ص ٣٣٥).
(٢) في وقعة صفين ص ٣٣٦: إني لأعرف الجسد وأنكر القلب، إني لا أراك مؤمنا، وإنك لمن أهل النار.
(٣) كذا بالأصل، وفي وقعة صفين: يكبك الله به على وجهك في نار جهنم.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191