كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ٧٢
رضي الله عنه يومئذ رجل من حمير يكنى بأبي نوح، وكان مفوها متكلما وكان له فضل وقدر وطاعة في الناس، فقال لعلي: يا أمير المؤمنين! أتأذن لي في كلام ذي الكلاع؟ فإنه رجل من قومي وهو سيد عند أهل الشام، فلعلي أشككه فيما هو فيه!
فقال له علي: يا أبا نوح! إن رد مثل ذي الكلاع شديد عند أهل الشام، فإن أحببت لقاءه فالقه بالجميل، وإياك والكتب.
قال: فبعث أبو نوح إلى ذي الكلاع أني أريد لقاءك فأخرج إلي أكلمك، قال: فجاء ذو الكلاع إلى معاوية فقال: إن أبا نوح يريد كلامي ولست مكلمه إلا بإذنك، فما ترى في كلامه أكلمه أم لا؟ فقال معاوية: وما تريد إلى كلامه؟ فوالله ما نشك في هداك ولا في ضلالته، ولا في حقك ولا في باطله، فقال ذو الكلاع: على ذلك ائذن لي في كلامه! فقال معاوية: ذاك إليك، وفشا أمر أبي نوح (1) وذي الكلاع في الناس، فأنشأ رجل من أصحاب علي يقول:
اذكر أخا كلع أمرا سيعقبه * شكا وشيكا فبادره أبا نوح حتى نشككه في دين صاحبه * والشك منه قريب شبه تصريح أما الرجوع فإني لست آمله * إلا وبعض دماء القوم مسفوح من يحصب ورعين أو ذوي كلع * وأصبح الشمر ذي الرأي المراجيح كم ساعد قد أبان السيف مرفقها * ورأس أشوس وسط القوم مطروح قال ابن هند له قولا فأطمعه * إن المطامع باب غير مفتوح بادره من قبل أن ينشب أظافره * من ابن هند بتشبيع وتجليح وامنحه نصحك إما كنت ناصحه * ما كان نصح أبي نوح بمشروح إن خالف اليوم أهل الشام ذو كلع * لا يمس بالشام قرن غير منطوح قال: وأقبل (أبو) نوح حتى وقف بين الجمعين، وخرج ذو الكلاع حتى وقف قبالته، فقال أبو نوح: يا ذا الكلاع! إنه ليس في هذين الجمعين أحد أولى بنصيحتك مني، إن معاوية بن أبي سفيان أخطأ وأخطأتم معه في خصال كثيرة، لخطأة واحدة أنه من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة، فأخطأ بادعائه إياها وأخطأتم باتباعه، وأخطأ في الطلب بدم عثمان وأخطأتم معه، لأن غيره أولى بطلب دم عثمان منه، وأخطأ أنه رمى عليا بدم عثمان وأخطأتم بتصديقكم إياه ونصركم له،

(1) بالأصل: أبا نوح.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191