الحارث بن عوف كلام عمار وتظاهر الحجة على عمرو بقي متحيرا، فقال له الحصين: ما عندك الآن يا حارث؟ فقال الحارث: ما عندي وقعة والله بين العار والنار، ووالله لا أقاتل من معاوية بعد هذا اليوم أبدا! فقال له: ولا أنا أقاتل عليا بعد هذه اليوم أبدا.
قال: ثم هربا من عسكر معاوية جميعا فصار أحدهم إلى حصم وأظهر التوبة، وصار الحارث بن عوف إلى مصر تائبا من قتال علي رضي الله عنه وأنشأ يقول:
قال الحصين ولم أعلم بنيته * يا حار هل لك في عمرو وعمار يا حاز هل لك في أمر له نبأ * فيه شر كان من عوف وإنكار فأسمع وتسمع ما يأتي العيان به * إن العيان شفاء النفس يا حار لما رأيت لجاج الامر قلت له * قولا ضعيفا نعم والكره إضماري سرنا إلى ذلك المرءين مع نفر * شم كرام وجدنا زندهم واري لما تشهد عمرو قال صاحبه (1): اسكت فإنك من ثوب الهدى عاري فارتد عمرو على عقبيه منكسرا * كالهر يرقب ختلاء عازم الفار ما زال يرميه عمار بحجته * حتى أقر له من غير إكثار قال الحصين لما أبصرت حجته * غراء مثل بياض الصبح للساري ما بعد هذين من عيب لمنتظر * فاختر فدى لك بين العار والنار قلت الحياة فراق القوم معترفا * بالذنب حقا وليس العار كالعار قال، وأقبل نفر من أصحاب معاوية إلى عمرو بن العاص قال له بعضهم: أبا عبد الله! ألست الذي رويت لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يدور الحق مع عمار حيث ما درا؟ " فقال عمرو: بلى، قد رويت ذلك، ولكنه يصير إلينا ويكون معنا، فقال له ذو الكلاع: هذا والله محال من الكلام! والله لقد أفحمك عمار حيث بقيت وأنت لا تقدر على إجابته! قال عمرو: صدقت، وربما كان كلام ليس له جواب، قال:
فأنشأ رجل من بني قيس (2) يقول في ذلك: