من بني أمية، وليس لهذا جئت (1)، إذا رسل هذا الامر الذي قد شجر بيننا وبينكم لأني رأيتك أطوع هذا العسكر فأذكر الله إلا كففت سلاحهم وحقنت دماءهم وحرضت على ذلك، ويحك أبا اليقظان! على ماذا تقاتلنا؟ ألسنا نعبد الله واحد؟ ألسنا نصلى إلى قبلتكم وندعو بدعوتكم ونقرأ كتابكم ونؤمن بنبيكم؟ فقال عمار:
الحمد لله الذي أخرجها من فيك، القبلة والله لي ولأصحابي، ولنا الدين والقرآن وعبادة الرحمن، ولنا النبي والكتاب من دونك ودون أصحابك، وإن الله تبارك وتعالى قد جعلك ضالا مضلا، وأنت لا تعلم أهاد أنت أم ضال؟ ولقد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقاتل الناكثين فقد فعلت، وأمرني أن أقاتل القاسطين فأنتم هم، وأما المارقون فلا أدري أدركهم أم لا، أيها الأبتر! ألست تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم! وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله (2)؟ فأنا مولى لله ولرسوله وعلي مولاي من بعده وأنت فلا مولى لك، فقال عمرو بن العاص: ويحك أبا اليقظان! لم تشتمني ولست أشتمك؟ فقال عمرو: فما ترى في قتل عثمان؟ فقال عمار: قد أخبرتك كيف قتل عثمان، فقال عمرو: فعلي قتله، فقال عمار: بل الله قتله، قال عمرو: فهل كنت فيمن قتله؟
قال عمار: أنا مع من قتله وأنا اليوم أقاتل لمن قتله، لأنه أراد أن يقتل الدين فقتل.
فقال عمرو: يا أهل الشام! إنه قد اعترف بقتل عثمان أمامكم، فقال عمار: قد قالها فرعون لقومه (الا تسمعون) (3) أخبرني يا بن النابغة! هل أقررت أني أنا الذي قتلت عثمان حتى تشهد علي أهل الشام، فقال عمرو، يا هذا! إنه كان من أمر عثمان ما كان، وأنتم الذين وضعتم سيوفكم على عواتقكم وتحربتم علينا مثل لهب النيران، حتى ظننا أن صاحبكم لا بقية عنده، فإن تنصفونا من أنفسكم فادفعوا إلينا قتلة صاحبنا، وارجعوا من حيث جئتم ودعوا لنا ما في أيدينا، وإن أبيتم ذلك فإن دون ما تطلبون منا والله خرط القتاد (4). قال: ثم تبسم عمار ثم قال، ليس أول