كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ٧٧
من بني أمية، وليس لهذا جئت (1)، إذا رسل هذا الامر الذي قد شجر بيننا وبينكم لأني رأيتك أطوع هذا العسكر فأذكر الله إلا كففت سلاحهم وحقنت دماءهم وحرضت على ذلك، ويحك أبا اليقظان! على ماذا تقاتلنا؟ ألسنا نعبد الله واحد؟ ألسنا نصلى إلى قبلتكم وندعو بدعوتكم ونقرأ كتابكم ونؤمن بنبيكم؟ فقال عمار:
الحمد لله الذي أخرجها من فيك، القبلة والله لي ولأصحابي، ولنا الدين والقرآن وعبادة الرحمن، ولنا النبي والكتاب من دونك ودون أصحابك، وإن الله تبارك وتعالى قد جعلك ضالا مضلا، وأنت لا تعلم أهاد أنت أم ضال؟ ولقد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقاتل الناكثين فقد فعلت، وأمرني أن أقاتل القاسطين فأنتم هم، وأما المارقون فلا أدري أدركهم أم لا، أيها الأبتر! ألست تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم! وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله (2)؟ فأنا مولى لله ولرسوله وعلي مولاي من بعده وأنت فلا مولى لك، فقال عمرو بن العاص: ويحك أبا اليقظان! لم تشتمني ولست أشتمك؟ فقال عمرو: فما ترى في قتل عثمان؟ فقال عمار: قد أخبرتك كيف قتل عثمان، فقال عمرو: فعلي قتله، فقال عمار: بل الله قتله، قال عمرو: فهل كنت فيمن قتله؟
قال عمار: أنا مع من قتله وأنا اليوم أقاتل لمن قتله، لأنه أراد أن يقتل الدين فقتل.
فقال عمرو: يا أهل الشام! إنه قد اعترف بقتل عثمان أمامكم، فقال عمار: قد قالها فرعون لقومه (الا تسمعون) (3) أخبرني يا بن النابغة! هل أقررت أني أنا الذي قتلت عثمان حتى تشهد علي أهل الشام، فقال عمرو، يا هذا! إنه كان من أمر عثمان ما كان، وأنتم الذين وضعتم سيوفكم على عواتقكم وتحربتم علينا مثل لهب النيران، حتى ظننا أن صاحبكم لا بقية عنده، فإن تنصفونا من أنفسكم فادفعوا إلينا قتلة صاحبنا، وارجعوا من حيث جئتم ودعوا لنا ما في أيدينا، وإن أبيتم ذلك فإن دون ما تطلبون منا والله خرط القتاد (4). قال: ثم تبسم عمار ثم قال، ليس أول

(١) عن وقعة صفين ص ٣٣٨ وبالأصل: حيث تحريف.
(2) أخرجه الامام أحمد في مسنده بمختلف أسانيده وطرقه 1 / 119، 152 و 4 / 281، و 368، 372، 5 / 347، 366، 419 ونقله ابن كثير أيضا من طرق عدة. (البداية 7 / 383 حديث غدير خم).
(3) كذا بالأصل، وصحة القول (ألا تستمعون) من الآية 25 سورة الشعراء.
(4) إشارة إلى المثل: " من دونه خرط القتاد " اللسان. ويضرب للامر الشاق (المستقصى للزمخشري).
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191