كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ٧٦
قال: فرجع عوف بن بشر إلى عمار بن ياسر ومن معه، فأخبرهم بذلك، وأقبل عمار ومعه الاجلاء (1) من أهل عسكره، وتقدم عمرو بن العاص في أجلاء عسكره، حتى اختلفت أعناق الخيل فنزلوا هؤلاء وهؤلاء عن خيولهم واحتبوا بحمائل سيوفهم، وذهب عمرو الشديد (2) فقال عمار: اسكت وقد تركتها (3) في حياة محمد صلى الله عليه وسلم وبعد موته ونحن أحق بها منك، فاخطب بخطبة الجاهلية، وقل قول من كان في الاسلام دنيا ذليلا وفي الضلال رأسا محاربا، فإنك ممن قاتل النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد موته وفتن أمته من بعده، وأنت الأبتر ابن الأثير شانىء محمد صلى الله عليه وسلم وشانىء أهل بيته، قال: فغضب عمرو ثم قال: أما! إن فيك لهناة ولو شئت أن أقول لقلت، فقال عمار: وما عسى أن تقول ابن عمي! إني كنت ضالا فهداني الله، ووضيعا فرفعني الله، وذليلا فأعزني الله (4)، فإن كنت تزعم هذا فقد صدقت، وإن أنت تزعم أني خنت الله ورسوله يوما واحدا أو تولينا غير الله يوما واحدا فقد كذبت، ولكن هلم إلى ما نحن فيه الآن، فإن شئت كانت خصومة فيدفع حقنا باطلك، وإن شئت كانت خطب فنحن أعلم بفصل الخطاب منك، وإن شئت أخبرتك بكلمة تفصل بيننا وبينك ونكفرك قبل القيام من مجلسك وتشهد بها على نفسك ولا تستطيع أن تكذبني، هل تعلم أن عثمان بن عفان كان عليه الناس بين خاذل له ومحرض عليه، وما فيهم من نصره بيده ولا نهى عنه بلسانه، وقد حصر أربعين يوما في جوب داره ليس له جمعة ولا جماعة، وتظن ما كان فيه قبل أن يقتل ما كان من طلحة والزبير، وعائشة بنت أبي بكر حين منعها أرزاقها فقالت فيه ما قالت وحرضت على قتله، فلما قتل خرجت فطلبت بدمه بغير حق ولا حكم من الله تعالى في يدها، ثم إن صاحبك هذا معاوية قد طلب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أن يترك له ما في يده، فأبي علي ذلك، فانظر في هذا ثم سلط الحق على نفسك فاحكم لك وعليك.
قال: فقال عمرو: صدقت أبا اليقظان! قد كان ذلك كما ذكرت في أمر عائشة وطلحة والزبير، وأما معاوية فله أن يطلب بدم عثمان لأنه رجل من بني أمية وعثمان

(١) سار عمار في اثني عشر رجلا. وعمرو في عشرة.
(٢) كذا بالأصل، ولا معنى لكلمة الشديد هنا، وفي وقعة صفين: " فتشهد عمرو " وهو ما يقتضيه معنى الكلام اللاحق.
(٢) عن وقعة صفين: وبالأصل: تركتهم.
(٤) زيد في وقعة صفين: وفقيرا فأغناني الله.
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191