فجالت الخيل خيل (1) في أعنتها * وآخرون على كثب يرامونا ثم ابتذلنا سيوفا في جماجمهم * وما (2) فعلنا بهم في ذاك يجزونا كأنها في أنوف القوم إذ لمعت * تسلسل البرق تحسين العرانينا (3) ثم انصرفنا وقتلاهم (4) مطرحة * والقوم طرا على القتلى يصلونا (4) قال: وجاء الليل فحجز بين الفريقين، فقال معاوية: يا أهل الشام! أنتم تعلمون ما قد أصبنا به اليوم من إخواننا، وإنما تقاتلون غدا من قبل إخوانكم اليوم، فكونوا على إحدى ثلاث خصال (5): إما أن تكونوا أردتم ما عند الله في قتال قوم بغوا عليكم وأقبلوا من بلادهم، حتى نزلوا في بيضتكم، وإما أن تكونوا قوما تذبون عن نسائكم وأبنائكم، وأما أن تكونوا (6) تغضبون للخليفة فتقاتلون عن دمه، فعليكم بتقوى الله عز وجل والصبر الجميل، فقد نزل من الأمر ما ترون، فإذا أصبحتم فازحفوا إلى القوم على بصيرة، وقدموا الدارع وأخروا الحاسر وسووا صفوفكم دارعين وحاسرين، وأعيرونا جماجمكم ساعة فإنما هو ظالم أو مظلوم.
قال: فقال له ذو الكلاع: يا معاوية! إننا قد سمعنا كلامك فاسمع عني، وجعل يقول:
نحن الصبر (نحن) الكرام * لا ننثني عند الخصام بنو الملوك للعظام * ذوو النهى والأحلام فقال معاوية: ظني بكم هذا. ثم جعل يكمن الكمناء ولا يألو في ذلك جهدا، وبلغ ذلك عليا وأصحابه، فأنشأ قيس بن (سعد بن) (7) عبادة يقول:
قلت لما بغى العدو علينا * حسبنا ربنا ونعم الوكيل