والدرع خير من لباس الحبره * يا رب جنبني سبيل الفجره (1) فلا تجنبني ثواب البررة * واجعل وفاتي بأكف الكفرة قال: ثم حمل عليه الأشتر فضربه ضربة فلق البيضة وأسرع السيف إلى رأسه، فرجع عبد الرحمن إلى معاوية وهو يقول: مالنا ولعثمان بن عفان لا يزال دمه يغلي حتى لا يبقى منا أحد، فقال معاوية: يا بن أخي! ما أسرع ما ضجرت وهل يصيبك إلا ما أصاب الفتيان إذا لعبوا بك، إنما نقاتل عن دينك ونفسك، قال: فلم لا تخرج أنت يا معاوية؟ فقال معاوية: أنا والله أخرج يا بن أخي.
قال: ثم استوى معاوية على فرسه وخرج حتى وقف أمام أصحابه وجعل يعرض بقبائل همذان (2) وهو يقول:
لا عيش إلا فلق قحف الهام * من أرحب وشاكر ويام (3) قوم هم أعداء أهل الشام * كم من كريم بطل همام كم من قتيل وجريح دامي * كذاك حرب السادة الكرام قال: فخرج إليه سعيد بن قيس الهمذاني وهو يقول:
لا هم رب الحل والاحرام * لا تجعل الملك لأهل الشام فالعام عام ليس كالأعوام * واليوم يوم ليس كالأيام والناس مرمى بهم ورامي قال: ثم حمل سعيد بن قيس ليطعنه، وركض معاوية حتى لحق بعسكره، فانفلت ولم يصبه بشيء، فجعل سعيد يرتجز ويقول:
يا لهف نفسي فاتني معاوية * والراقصات لا يعود ثانية (4)