أما تتقون الله في حرماتنا * وما قرب الرحمن منا وعظما أذاقوا ابن هند طعنهم وضرابهم * على حنق حتى تولى وأحجما (1) قال: فلم يزل الحضين بن المنذر يقاتل هو وبنو عمه حتى ضج منهم أهل الشام، ثم رجعوا مواضعهم، وقد جرح منهم خلق كثير.
قال: وخرج مولى لعثمان بن عفان يقال له أحمر حتى وقف بين الصفين وجعل يرتجز ويقول:
إن الكتيبة عند كل تصادم * تبكي فوارسها على عثمان قوم حماة ليس منهم قاسط * يبكون كل مفصل وسنان قال: فخرج إليه كيسان مولى علي مجيبا له وهو يقول:
قف لي قليلا يا أحيمر إنني * مولى التقي الصادق الإيمان عثمان ويحك قد مضى لسبيله * فاثبت لحمد مهند وسنان قال: فحمل عليه مولى عثمان فطعنه طعنة جدله قتيلا، فقال علي رضي الله عنه: قتلني الله إن لم أقتلك يا عدو الله! ثم حمل عليه علي وتلقاه مولى عثمان بالسيف وهو لم يعرفه، فضربه واتقاه علي رضي الله عنه بحجفته، ثم مد علي يده إليه وقبض على ثوبه ثم رفعه عن قربوصه وضرب به الأرض فكسر منكبه وأضلاعه، ثم جال علي رضي الله عنه في ميدان الحرب وهو يتمثل بهذه الأبيات:
لهف نفسي وقليل ما أسر * ما أصاب الناس من خير وشر لم أرد في الدهر يوما حربهم * وهم الساعون في الشر الشمر قال: وأقبل معاوية على غلام له يقال له حريث فكان فارسا بطلا (2)، فقال معاوية: يا حريث! انظر إذا خرجت إلى الحرب فاحذر علي بن أبي طالب ولا تقربه، وضع رمحك حيث شئت من الناس، فقال حريث: أفعل ذلك يا سيدي إن شاء الله.