كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ٢٨
أحد، واتبعوني والميعاد بيني وبينكم فسطاط معاوية. قال ثم تقدم الحضين وأصحابه بالراية، فلم يزل يطاعن في اعراض أهل الشام حتى خضب الراية بالدماء.
قال: وجعل معاوية يقول: لمن هذه الراية السوداء؟ فقالوا: للحضين بن المنذر في قومه من ربيعة، قال: فتقدم معاوية بين يديه ثلاثمائة رجل من بني عك ولخم وحمير، وقدم علي رضي الله عنه بين مائة رجل من أبطال مذحج، واختلط القوم فاقتتلوا قتالا شديدا، وصبر بعضهم لبعض ساعة، وصاح علي بالحضين بن المنذر أن قدم الراية يا حضين! قال: فتقدم الحضين وهو لم يصبر من غيظه، وتقدمت معه مذحج وربيعة وكل رجل منهم يحتاج إلى كتيبة، فحملوا عليه حملة رجل واحد حتى وصلوا إلى فسطاط معاوية وانكشفت عنه الناس، قال: وصاح رجل من أصحاب معاوية: ويحكم يا أهل الكوفة! أما تتقون الله في الحرم؟
ويحكم! نحن بنو أعمامكم فاقصروا، فمع اليوم غد، فعندها أنشأ علي رضي الله عنه يقول (1):
لمن راية سوداء (2) يخفق ظلها * إذا قيل قدمها حضين تقدما يقدمها للموت (3) حتى يزيرها * حياض المنايا تقطر الموت والدما تراه إذا ما كان يوم كريهة (4) * أبى فيه إلا عزة وتكرما جزى الله قوما صابروا في لقائهم * لدى الموت خيرا (5) ما أعف وأكرما ولا حسن صبرا حين يدعى إلى الوغى * إذا كان أصوات الرجال تغمغما (6) ربيعة أعني أنهم أهل نجدة * وبأس إذا لاقوا خميسا (7) عرمرما وقد صبرت عك ولخم وحمير * لمذحج حتى أورثوها تندما (8) ونادت جذام يا أهل كوفين ويحكم * جزى الله شرا أينا كان أظلما

(١) الأبيات في الطبري ٦ / ٢٠ - ٢١ ابن الأثير ٢ / ٣٧٤ وقعة صفين ص ٢٨٩.
(٢) وقعة صفين: حمراء.
(٣) طبري: في الموت. وفي وقعة صفين: ويدنو بها في الصف حتى يديرها.
(٤) وقعة صفين: يوم عظيمة.
(٥) طبري: " لدى الموت قوما " وقعة صفين: لدى البأس حرا.
(٦) وقعة صفين: وأحزم صبرا.. الكماة تغمغما.
(٧) الطبري: جشيما.
(٨) وقعة صفين: لمذحج حتى لم يفارق دم دما.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191