أحد، واتبعوني والميعاد بيني وبينكم فسطاط معاوية. قال ثم تقدم الحضين وأصحابه بالراية، فلم يزل يطاعن في اعراض أهل الشام حتى خضب الراية بالدماء.
قال: وجعل معاوية يقول: لمن هذه الراية السوداء؟ فقالوا: للحضين بن المنذر في قومه من ربيعة، قال: فتقدم معاوية بين يديه ثلاثمائة رجل من بني عك ولخم وحمير، وقدم علي رضي الله عنه بين مائة رجل من أبطال مذحج، واختلط القوم فاقتتلوا قتالا شديدا، وصبر بعضهم لبعض ساعة، وصاح علي بالحضين بن المنذر أن قدم الراية يا حضين! قال: فتقدم الحضين وهو لم يصبر من غيظه، وتقدمت معه مذحج وربيعة وكل رجل منهم يحتاج إلى كتيبة، فحملوا عليه حملة رجل واحد حتى وصلوا إلى فسطاط معاوية وانكشفت عنه الناس، قال: وصاح رجل من أصحاب معاوية: ويحكم يا أهل الكوفة! أما تتقون الله في الحرم؟
ويحكم! نحن بنو أعمامكم فاقصروا، فمع اليوم غد، فعندها أنشأ علي رضي الله عنه يقول (1):
لمن راية سوداء (2) يخفق ظلها * إذا قيل قدمها حضين تقدما يقدمها للموت (3) حتى يزيرها * حياض المنايا تقطر الموت والدما تراه إذا ما كان يوم كريهة (4) * أبى فيه إلا عزة وتكرما جزى الله قوما صابروا في لقائهم * لدى الموت خيرا (5) ما أعف وأكرما ولا حسن صبرا حين يدعى إلى الوغى * إذا كان أصوات الرجال تغمغما (6) ربيعة أعني أنهم أهل نجدة * وبأس إذا لاقوا خميسا (7) عرمرما وقد صبرت عك ولخم وحمير * لمذحج حتى أورثوها تندما (8) ونادت جذام يا أهل كوفين ويحكم * جزى الله شرا أينا كان أظلما