نرجو من قتال هؤلاء القوم حسن الثواب والأمن من العقاب، ومعنا ابن عم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وهو سيف من سيوف الله، وأول ذكر صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسبقه إلى الصلاة ذكر، ولم يكن له صبوة ولا نبوة ولا سقطة، فقيه في دين الله، عالم بحدود الله، ذو رأي وصبر وحلم عظيم وعفاف قديم، فاتقوا الله وعليكم بالصبر والصدق! فإنكم بحمد الله على الحق.
ثم تكلم الأشعث بن قيس فقال: أيها الناس! إن الله تبارك وتعالى قد خصنا منه بنعمة لا نستطيع شكرها ولا يقدر أحد قدرها، إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم معنا، وفي حيزنا من البدريين والعقبيين، ووالله لو كان قائدنا حبشيا (1) أجدع لكان ينبغي لنا أن نسمع ونطيع، فكيف إذ كان معنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأنصاره وآله وابن عمه ووارث علمه والقائم بحقه، بدري قد صدق وصلى صغيرا وجاهد مع الرسول كثيرا، ومعاوية طليق ابن طليق أصاب قوما غواة فأوردهم النار وأورثهم العار، والله محل به وبهم الصغار والدمار، فعليكم عباد الله بالحزم والصبر! فإن الله مع الصابرين (2).
قال: وجعل كل رجل مذكور من أصحاب علي يتكلم بما يحضره من الكلام، فقال معاوية لذي الكلاع الحميري: ألا تسمع إلى هذا التحريض الذي يحرض علينا في هذا اليوم؟ أما عندك جواب؟ فقال ذو الكلاع: عندي جواب ولكني لا أقدر على ما يقدرون عليه. قال: ثم وثب ذو الكلاع فاستوى على فرسه واستقبل أهل الشام بوجهه فقال: يا أهل الشام! إنكم قد سمعتم من كلام أهل الحجاز وأهل العراق ما قد سمعتم، وإننا لنعلم أن فيهم قوما قد كانت لهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سوابق كثيرة ومناقب عظيمة لا ينكر لهم ذلك، غير أني ضربت هذا الأمر ظهرا وبطنا فلم أر يسعني أن يهدر دم عثمان، وهو ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته، ومجهز جيش العسرة، والزائد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان له ذنب فقد أذنب من هو خير منه وأفضل، قال الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: * (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) * (3) وقد قتل موسى بن عمران نفسا ثم استغفر فغفر له، ولا يعرى أحد من الذنوب، وإننا لنعلم أن علي بن أبي طالب خير فاضل، قد كانت له سابقة حسنة مع