قرطفك، فقال عبد الله: والله لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: أطع أباك يا أبا عبد الله، لما أطعتك في هذا الأمر أبدا.
قال: ثم أخذ عبد الله الراية بيده وتقدم بين يدي أبيه حتى وقف أمام أصحابه، وأنشأ عمرو يقول (1):
ولو شهدت جمل مقامي وموقفي * بصفين يوما شاب منها الذوائب غداة ترى (2) أهل العراق كأنهم * من البحر موج لجه متراكب وجئنا إليهم في الحديد كأننا (3) * سحاب خريف صففته الجنائب فقالوا نرى من رأينا أن تبايعوا * عليا فقلنا بل نرى أن نضارب فطارت إلينا بالرماح كماتهم * وطرنا إليهم والسيوف قواضب فلما أرادوا أن يقوموا مقامنا * شددت إليهم أن يزول المواكب فإننا (4) وقد نالوا سراة رجالنا * وليس لما لاقوا سوى الله حاسب ولم أر يوما كان أكثر باكيا * ولا عارضا منهم كميا يكالب إذا قلت قد استهزموا برزت لنا * كتائب خرص وارجحنت كتائب قال: ثم حمل عمرو في نفر من أهل الشام فقاتلوا ساعة ورجعوا إلى مواقفهم.
ونظر علي رضي الله عنه إلى الصف الذي فيه عمرو فإذا هو صف محكم بالخيل والرجالة فدعا برجل من ربيعة يقال له الحضين (5) بن المنذر فدفع إليه راية سوادء (6) وضم إليه خمسمائة رجل من سادات ربيعة وقال: تقدم يا حضين نحو هذا الصف في بني عمك، ولا تقصر ليكون نصيبك الأخص. قال فأخذ الراية ثم قال:
يا معشر ربيعة! اعلموا أن الموت اليوم خير من الفرار، فانظروا ولا يلتفت منكم