كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ٢٢
أرض الفضاء برحبها (1).
قال: ثم خرج القوم من عند معاوية فصاروا إلى علي رضي الله عنه، فأخبروه بالذي كان بينهم وبين معاوية من الكلام.
قال: وإذا حبيب بن مسلمة الفهري وشرحبيل بن السمط ومعن بن يزيد (2) قد أقبلوا حتى دخلوا على علي رضي الله عنه، فسلموا وجلسوا، ثم تكلم حبيب بن مسلمة فقال: أما بعد! فإن عثمان بن عفان كان خليفة يعمل بكتاب الله عز وجل وينتهي إلى أمر الله، فاستثقلتم حياته واستبطأتم وفاته فعدوتم عليه فقتلتموه، فادفع إلينا قتلة عثمان حتى نقتلهم به، فإن قلت إنك لم تقتله فاعتزل الناس واجلس في منزلك حتى يكون هذا الامر شورى بين الناس، يوليهم أمرهم من أجمع عليه رأيهم.
فقال له علي رضي الله عنه: وما أنت - لا أم لك - والكلام (3) في أمور الناس، قم يا عدو نفسك! فلست هناك ولا بأهل للكلام، فقال حبيب: والله إنك لتراني بحيث تكره، فقال علي رضي الله عنه: ولو أجلبت بخيلك ورجلك، اذهب فلا أبقى الله عليك إن أبقيت.
فقال شرحبيل: إني إن كلمتك فخفت أن يكون جوابك لي جواب صاحبي، فقال له علي: اسمع حتى أكلمك يا شرحبيل! فوالله لقد بايعني الناس وأنا كاره لهذا الأمر، غير أن الأمة اختلفت وكرهت الفرقة بين أهل الاسلام فبايعتهم، فلم يرعني إلا شقاق من شاققني بالبصرة وخلاف معاوية، رجل لم يجعل الله له سابقة في الدين ولا سلفا صالحا في الإسلام، طليق ابن طليق حزب الله وحزب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولم يزل لله ولرسوله وللمؤمنين عدوا هو وأبوه من قبله، ثم دخلا في الإسلام كارهين، فعجبا لكم (4) يا أهل الشام وانقيادكم له، وتتركون آل نبيكم الذين لا يسعكم شقاقهم

(١) وبعد ذلك دعا معاوية بزياد بن خصفة وخلا به وسأله الانصراف إليه ونصره، ووعده أن يوليه أي المصرين شاء فرفض (الطبري ٦ / ٣).
(٢) هو معن بن يزيد بن الأخنس السلمي.
(٣) في الطبري ٦ / ٤: والعزل وهذا الأمر. وفي وقعة صفين ص ٢٠٠ والولاية والعزل والدخول في هذا الأمر.
(4) الطبري 6 / 4: فلا غرو إلا خلافكم معه.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191