أرض الفضاء برحبها (1).
قال: ثم خرج القوم من عند معاوية فصاروا إلى علي رضي الله عنه، فأخبروه بالذي كان بينهم وبين معاوية من الكلام.
قال: وإذا حبيب بن مسلمة الفهري وشرحبيل بن السمط ومعن بن يزيد (2) قد أقبلوا حتى دخلوا على علي رضي الله عنه، فسلموا وجلسوا، ثم تكلم حبيب بن مسلمة فقال: أما بعد! فإن عثمان بن عفان كان خليفة يعمل بكتاب الله عز وجل وينتهي إلى أمر الله، فاستثقلتم حياته واستبطأتم وفاته فعدوتم عليه فقتلتموه، فادفع إلينا قتلة عثمان حتى نقتلهم به، فإن قلت إنك لم تقتله فاعتزل الناس واجلس في منزلك حتى يكون هذا الامر شورى بين الناس، يوليهم أمرهم من أجمع عليه رأيهم.
فقال له علي رضي الله عنه: وما أنت - لا أم لك - والكلام (3) في أمور الناس، قم يا عدو نفسك! فلست هناك ولا بأهل للكلام، فقال حبيب: والله إنك لتراني بحيث تكره، فقال علي رضي الله عنه: ولو أجلبت بخيلك ورجلك، اذهب فلا أبقى الله عليك إن أبقيت.
فقال شرحبيل: إني إن كلمتك فخفت أن يكون جوابك لي جواب صاحبي، فقال له علي: اسمع حتى أكلمك يا شرحبيل! فوالله لقد بايعني الناس وأنا كاره لهذا الأمر، غير أن الأمة اختلفت وكرهت الفرقة بين أهل الاسلام فبايعتهم، فلم يرعني إلا شقاق من شاققني بالبصرة وخلاف معاوية، رجل لم يجعل الله له سابقة في الدين ولا سلفا صالحا في الإسلام، طليق ابن طليق حزب الله وحزب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولم يزل لله ولرسوله وللمؤمنين عدوا هو وأبوه من قبله، ثم دخلا في الإسلام كارهين، فعجبا لكم (4) يا أهل الشام وانقيادكم له، وتتركون آل نبيكم الذين لا يسعكم شقاقهم