ولا فراقهم ولا خلافهم وأن لا تعدلوا بهم أحدا من الأئمة. قال: فقال له شرحبيل:
أفتشهد أن عثمان قتل مظلوما؟ فقال له علي: إنه لا يخلو عثمان ظالما أو مظلوما.
ثم وثب القوم، فقال علي: فاسمعوا عني حتى أخبركم عن عثمان، فقال حبيب بن مسلمة: لسنا نحب أن نسمع منك شيئا، فقال علي رضي الله عنه:
* (فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء وإذا ولو مدبرين * وما أنت بهد العمي عن ضللتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون) * (1).
قال: فخرج القوم من عند علي، فأقبل على أصحابه فقال: لا يكن هؤلاء أولى بالحد في ضلالتهم منكم في حقكم وطاعة ربكم (2).
قال: فلما كان من الغد إذا بعبيد الله بن عمر بن الخطاب قد خرج في خيل عظيمة يريد الحرب، فأخرج علي بن أبي طالب محمد بن أبي بكر في خيل مثلها، فاقتتلوا يومهم ذلك قتالا شديدا، وانصرف الفريقان عن قتلاء وجرحى. فلما كان من الغد خرج شرحبيل بن السمط في خيل عظيمة، فأخرج إليه علي رضي الله عنه الأشتر في خيل مثلها، فاقتتلوا وانصرفوا عن قتلاء وجرحى. فلما كان من الغد خرج عمرو بن العاص في خيل عظيمة، فأخرج إليه علي رضي الله عنه عبد الله بن عباس في خيل مثلها، فانصرفوا عن قتلى وجرحى.
قال: فلم يزل القوم على ذلك إلى أن بقي من شهر المحرم سبعة أيام أو ثمانية، قال: وجعل معاوية وعمرو بن العاص يعبئان الكتائب ويحرضان أهل الشام على حرب علي وأصحابه، فأنشأ حابس بن سعد الطائي في ذلك يقول (3):
أما بين المنايا غير سبع * بقين من المحرم أو ثمان هناك دماؤنا حل حلال * لأهل الكوفة السود اليماني ألم يعجبك أنا قد هجمنا (4) * عن أهل الكوفة (5) الموت العيان