كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ٢٠
الأنصاري (1) فقال لهم: انطلقوا إلى معاوية فادعوه إلى الله عز وجل وإلى الطاعة والجماعة واحتجوا عليه، وانظروا ما رأيه وعلى ماذا قد عزم.
قال: فأقبلوا حتى دخلوا على معاوية، فتقدم بشير بن عمرو، فقال: يا معاوية! إن الدنيا غدارة غرارة سفيهة جائرة وعنك زائلة، وإنك راجع إلى الله عز وجل فمحاسبك على عملك ومجازيك بما قدمت يداك (2)، قال: فقطع معاوية عليه الكلام ثم قال: فهلا بهذا أوصيت صاحبك؟ فقال الأنصاري: يا سبحان الله العظيم! إن صاحبي ليس مثلك، إنه أحق بهذا الأمر منك للفضيل في الدين والسابقة في الإسلام والقرابة من الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال معاوية: فيقول ماذا؟ قال: إني آمرك بتقوى الله وإجابة الحق والدخول فيما دخلت فيه المهاجرون والأنصار والتابعون، فإن ذلك أسلم لك في دنياك وآخرتك، فقال معاوية: ونطل دم عثمان! لا والله لا كان ذلك أبدا (3)، وما لكم ولا لصاحبكم عندي إلا السيف! فأخرجوا عني.
قال: فوثبوا قائمين، والتفت إليه سعيد فقال: والله يا بن هند! لتغلبن سيوف صاحبنا ما تود أن أمك هند لم تلدك ولم تكن في العالمين! فقال معاوية: يد الله فوق يدك.
قال: وأقبلوا إلى علي رضي الله عنه يخبروه بذلك، فدعا علي بشبث (4) بن ربعي الرياحي، ويزيد بن قيس الأرحبي، وزياد بن خصفة (5) التميمي وعدي بن حاتم الطائي، فأرسلهم إلى معاوية وقال لهم أعذروا إليه وأنذروه قبل الإقدام على الحرب.
قال: فجاء القوم حتى دخلوا على معاوية، وتقدم عدي بن حاتم فقال: يا معاوية! إننا قد أتيناك ندعوك إلى أمر الله، يجمع الله (به) كلمتنا ويحقن دماء

(١) في الطبري ٥ / ٢٤٢ ووقعة صفين ص ١٨٧: " بشير بن عمرو بن محصن الأنصاري " وزيد فيهما ثالث هو شبت بن ربعي التميمي.
(2) زيد في الطبري وابن الأثير: وإني أنشدك الله عز وجل أن تفرق جماعة هذه الأمة وأن تسفك دماءها بينها.
(3) انظر في الطبري مقالة شبث بن ربعي - وقد سقطت من الأصل - 5 / 243.
(4) بالأصل " شبيب " خطأ.
(5) عن الطبري 5 / 243 وبالأصل: حفصة تحريف.
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191