الأنصاري (1) فقال لهم: انطلقوا إلى معاوية فادعوه إلى الله عز وجل وإلى الطاعة والجماعة واحتجوا عليه، وانظروا ما رأيه وعلى ماذا قد عزم.
قال: فأقبلوا حتى دخلوا على معاوية، فتقدم بشير بن عمرو، فقال: يا معاوية! إن الدنيا غدارة غرارة سفيهة جائرة وعنك زائلة، وإنك راجع إلى الله عز وجل فمحاسبك على عملك ومجازيك بما قدمت يداك (2)، قال: فقطع معاوية عليه الكلام ثم قال: فهلا بهذا أوصيت صاحبك؟ فقال الأنصاري: يا سبحان الله العظيم! إن صاحبي ليس مثلك، إنه أحق بهذا الأمر منك للفضيل في الدين والسابقة في الإسلام والقرابة من الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال معاوية: فيقول ماذا؟ قال: إني آمرك بتقوى الله وإجابة الحق والدخول فيما دخلت فيه المهاجرون والأنصار والتابعون، فإن ذلك أسلم لك في دنياك وآخرتك، فقال معاوية: ونطل دم عثمان! لا والله لا كان ذلك أبدا (3)، وما لكم ولا لصاحبكم عندي إلا السيف! فأخرجوا عني.
قال: فوثبوا قائمين، والتفت إليه سعيد فقال: والله يا بن هند! لتغلبن سيوف صاحبنا ما تود أن أمك هند لم تلدك ولم تكن في العالمين! فقال معاوية: يد الله فوق يدك.
قال: وأقبلوا إلى علي رضي الله عنه يخبروه بذلك، فدعا علي بشبث (4) بن ربعي الرياحي، ويزيد بن قيس الأرحبي، وزياد بن خصفة (5) التميمي وعدي بن حاتم الطائي، فأرسلهم إلى معاوية وقال لهم أعذروا إليه وأنذروه قبل الإقدام على الحرب.
قال: فجاء القوم حتى دخلوا على معاوية، وتقدم عدي بن حاتم فقال: يا معاوية! إننا قد أتيناك ندعوك إلى أمر الله، يجمع الله (به) كلمتنا ويحقن دماء