كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ١٥
المعاول والمساحي وآلة الفعل، فجعلوا يحفرون بحيال عسكر علي خديعة ومكرا.
قال: ووقعت الضجة في عسكر علي رضي الله عنه، فقال: ويحكم لا عليكم، فإن هذا الذي ترون هو شيء لا يستقيم، ولا يقوى عليه معاوية أبدا ولو أنفق جميع أموال الشام، وإنما يريد أن يزيلكم عن مكانكم، فلا تكونوا ضعفاء القلوب والعقول، ولا تغلبوني على رأي. قال: فضج أهل العراق وقالوا: والله لنرحلن! فإن شئت فارحل وإن شئت فأقم.
قال: ثم ارتحل الناس عن آخرهم وصاروا ناحية في الفرات، وارتحل علي رضي الله عنه في آخر الناس حتى نزل معهم وجعل يقول:
ولو أني أطعت عصبت قومي * إلى ركن اليمامة أو شآم ولكني إذا أبرمت أمرا * تخالفني أقاويل الطغام (1) قال: فلما كان الليل دخل معاوية بعسكره حتى نزل في الموضع الذي كان علي وأصحابه فيه. قال: وأصبح أهل العراق فنظروا إلى عساكر معاوية في مكانهم، فندموا على ما فعلوا، قال: ثم دعا علي بالأشتر والأشعث بن قيس فقال:
إنكما قد غلبتماني على رأيي فدونكما الآن هذا معاوية وأصحابه قد نزلوا على الماء كما كانوا، ويوشك أن سيمنعوكم إياه كما منعوكم أول مرة. قال الأشعث: صدقت يا أمير المؤمنين! وإني سأصلح (2) ما أفسدت. فقال الأشتر: وأنا والله معك ويدي في القوم قبل يدك.
قال: ثم صاح الأشعث في قومه وقال: يا معشر كندة! انظروا أن لا تفضحوني اليوم ولا تخزوني فإني أقارع بكم أهل الشام. قال: فأجابوا سراعا وخرجوا يمشون في الدروع والمغافر وفي أيديهم الرماح والسيوف والحجف.
قال: ونادى الأشتر في أصحابه، فأجابوه كذلك بالسلاح لم يبن منهم إلا الحدق، وجعل الأشتر يرتجز ويقول:
آليت لا أرجع حتى أضربا * بسيفي المصقول ضربا معجبا

(١) في وقعة صفين: منيت بخلف آراء الطغام.
(٢) وقعة صفين ص ١٩١ سأداوي ما أفسدت اليوم من ذلك.
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191