قال: فخرج الأشعث والأشتر جمعيا نحو حوشب وذي الكلاع، وجعل الأشعث يرتجز ويقول:
أبلغ عنا حوشبا وذا الكلع * فحوشب المذلول داراه الطمع وذو الكلاع قومه أهل البدع * قوم جفاة لا حيا ولا ورع يقودهم ذاك الشقي المبتدع * إني إذا قرن لقرن يصطنع (1) وأبرقوها في عجاج قد سطع * أحمي ذماري منهم إذا امتنع قال: ثم تقدم الأشتر أيضا وهو يقول شعرا على قافيته (2)، ثم حمل الأشعث والأشتر جميعا على حوشب وذي الكلاع، فتطاعنوا ساعة وافترقوا. وصاح أهل الحجاز وأهل العراق بعضهم لبعض، ثم حملوا على أهل الشام، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة. قال: وجعل أهل الشام ينادون أهل العراق: يا هؤلاء! انظرونا سواد هذه الليلة فإننا راجعون إلى معسكرنا الذي كنا فيه، فصاح الأشعث بن قيس وأصحابه فقالوا: والله لا نبيت إلا في معسكركم. قالوا: فإذا نرحل فلا تعجلونا.
قال: ثم رحل القوم إلى معسكرهم فنزلوه كما كانوا. وأقبل الأشعث إلى علي رضي الله عنه فقال: أرضيت (يا) أمير المؤمنين؟ قال علي رضي الله عنه:
(رضيت)، ثم أقبل عليه وعلى الأشتر فقال: أنتما كما قال الشاعر:
وإن لنا شيخا إذا الحرب شمرت، بديهته الأقدام قبل التوقف قال: فقال الأشعث: يا أمير المؤمنين! إنه قد غلب الله عز وجل لك على الماء مرة وهذه ثانية، وقد علمت ما كان من غدر معاوية، وإن شئت منعناهم الماء؟
فقال علي رضي الله عنه: إن الخطب أعظم من منعهم الماء، فلا تمنعوهم الماء ولا تكافوهم بصنيعهم.
قال ثم دعا علي رضي الله عنه سعيد بن قيس الهمداني وبشير بن عمرو