كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ١٩
قال: فخرج الأشعث والأشتر جمعيا نحو حوشب وذي الكلاع، وجعل الأشعث يرتجز ويقول:
أبلغ عنا حوشبا وذا الكلع * فحوشب المذلول داراه الطمع وذو الكلاع قومه أهل البدع * قوم جفاة لا حيا ولا ورع يقودهم ذاك الشقي المبتدع * إني إذا قرن لقرن يصطنع (1) وأبرقوها في عجاج قد سطع * أحمي ذماري منهم إذا امتنع قال: ثم تقدم الأشتر أيضا وهو يقول شعرا على قافيته (2)، ثم حمل الأشعث والأشتر جميعا على حوشب وذي الكلاع، فتطاعنوا ساعة وافترقوا. وصاح أهل الحجاز وأهل العراق بعضهم لبعض، ثم حملوا على أهل الشام، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة. قال: وجعل أهل الشام ينادون أهل العراق: يا هؤلاء! انظرونا سواد هذه الليلة فإننا راجعون إلى معسكرنا الذي كنا فيه، فصاح الأشعث بن قيس وأصحابه فقالوا: والله لا نبيت إلا في معسكركم. قالوا: فإذا نرحل فلا تعجلونا.
قال: ثم رحل القوم إلى معسكرهم فنزلوه كما كانوا. وأقبل الأشعث إلى علي رضي الله عنه فقال: أرضيت (يا) أمير المؤمنين؟ قال علي رضي الله عنه:
(رضيت)، ثم أقبل عليه وعلى الأشتر فقال: أنتما كما قال الشاعر:
وإن لنا شيخا إذا الحرب شمرت، بديهته الأقدام قبل التوقف قال: فقال الأشعث: يا أمير المؤمنين! إنه قد غلب الله عز وجل لك على الماء مرة وهذه ثانية، وقد علمت ما كان من غدر معاوية، وإن شئت منعناهم الماء؟
فقال علي رضي الله عنه: إن الخطب أعظم من منعهم الماء، فلا تمنعوهم الماء ولا تكافوهم بصنيعهم.
قال ثم دعا علي رضي الله عنه سعيد بن قيس الهمداني وبشير بن عمرو

(١) وقعة صفين ص ١٨٢: يختضع.
(٢) الأرجاز في وقعة صفين ص ١٨٢ - 183 ومنها:
يا حوشب الجلف ويا شيخ كلع * أيكما أراد أشهر النخع ها أنا ذا وقد يهولك الفزع * في حومة وسط قرار قد شرع ثم تلاقي بطلا غير جزع * سائل بنا طلحة وأصحاب البدع
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191