قال: فقال رجل من أصحاب علي لله در هذا الرجل لو كانت له نية، ولكن أظن أنه إنما يقاتل هذا القتال رياء وسمعة، ولا أظنه يريد بفعاله هذا ما عند الله.
قال: فبلغ كلامه الأشتر، فغضب من ذلك ثم أنشأ يقول:
أيها الجاهل المسئ بي الظن * ليس مثلي يجوز فيه الظنون لست ممن باع الهدى بهواه * إن من باع دينه مغبون إنما يطلب المتاع من الناس * سفيه في رأيه مفتون حسبي الله في الحوادث والرمح * وسيف مهند مسنون و دلاص مثل الإضاء وطرف * أعوجي كأنه مجنون وهواي الذي يقربه العين * وبالحق قد تقر العيون إن مثلي من الرجال قليل * حين يبدو من النساء البرين هكذا كنت يا فوارس لخم * وكذا في الذي يكون أكون قال: فندم اللخمي على ما قال في الأشتر، ثم أنشأ يقول:
أصابت ظنوني في رجال كثيرة * وأخطأت في ظني بأشتر مالك و ما كان فيما قلت إثم وإنما * ترضيته أن لا أعود لذلك ظننت به ظني بعمرو فإنه * وصاحبه راما عظيم المهالك قال: وزالت الشمس وذهب وقت الصلاة والحرب قائمة على ساق، قال:
و صاح علي رضي الله عنه بالمهاجرين والأنصار فقال: إن الفرار عن الحرب في مثل هذا اليوم إرداد عن الحق ورغبة عن دين الإسلام، أما سمعتم الله تبارك وتعالى يقول: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم) (1) فما انتظاركم إن كنتم تريدون الجنة؟
قال: فكان أول من تقدم أبو الهيثم بن التيهان (2) وجعل يرتجز ويقول:
أجمد ربي وهو الحميد * ذاك الذي يفعل ما يريد ذاك الذي عذابه شديد * من ينج منه فهو السعيد هذا علي ما له نديد * دين قويم وهو الرشيد