تبكي على بعل لها راح غاديا * فليس إلى يوم الحساب بقافل (1) وإنا أناس ما تصيب رماحنا * إذا ما طعنا القوم غير المقاتل قال: وقال الناس: قد قبلنا أن نجعل القرآن بيننا وبينهم حكما. وبعث معاوية أبا الأعور السلمي على برذون أبيض، فسار بين الصفين صف أهل العراق وصف أهل الشام، والمصحف على رأسه وهو يقول: كتاب الله بيننا وبينكم. فأرسل معاوية إلى علي: " إن الأمر قد طال بيننا وبينك، وكل واحد منا يرى أنه على الحق فيما يطلب من صاحبه، ولن يعطي واحد منا الطاعة للآخر، وقد قتل فيما بيننا بشر كثير، وأنا أتخوف أن يكون ما بقي أشد مما مضى، وإنا [سوف] نسأل عن ذلك الموطن، ولا يحاسب به غيري وغيرك، فهل لك في أمر لنا ولك فيه حياة وعذر وبراءة، وصلاح للأمة، وحقن للدماء، وألفة للدين، وذهاب للضغائن والفتن: أن يحكم بيننا وبينك حكمان رضيان، أحدهما من أصحابي والآخر من أصحابك، فيحكمان بما في كتاب الله بيننا، فإنه خير لي ولك، وأقطع لهذه الفتن. فاتق الله فيما دعيت له، وارض بحكم القرآن إن كنت من أهله. والسلام ".
فكتب إليه علي بن أبي طالب: " من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان. أما بعد فإن أفضل ما شغل به المرء نفسه اتباع ما يحسن به فعله، ويستوجب فضله، ويسلم من عيبه. وإن البغي والزور يزريان بالمرء في دينه ودنياه، ويبديان من خلله عند من يغنيه ما استرعاه الله ما لا يغني عنه تدبيره. فاحذر الدنيا فإنه لا فرح في شئ وصلت إليه منها.
ولقد علمت أنك غير مدرك ما قضى فواته. وقد رام قوم أمرا بغير الحق