كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٣ - الصفحة ١١٠
قد كنت في منظر عن ذا ومستمع * يا عتب لولا سفاه الرأي والسرف فاليوم يقرع منك السن من ندم * ما للمبارز إلا العجز والكسف قال: وأصبح (1) القوم فعبى علي أصحابه وتقدمت الأنصار بين يديه براياتها وأعلامها، فقال معاوية: من هؤلاء الذين خرجوا في هذه التعبية؟ فقيل له: هؤلاء الأنصار. قال فدعا معاوية بالنعمان بن بشير ومسلمة بن مخلد - ولم يكن معه من الأنصار غيرهما (2) - فقال لهما: يا هذان! ماذا لقيت من قومكما الأوس والخزرج قد وضعوا سيوفهم على عواتقهم وأقبلوا يدعون الناس إلى البراز! حتى إني والله ما أسأل عن فارس من فرسان الشام إلا قيل: قتله فلان الأنصاري، ألا ترجعون إلى أكل التمر والطفيشل (3) ويتركون الحروب لأهلها. قال: فغضب النعمان بن بشير من ذلك ثم قال: يا معاوية! لا تلم الأنصار على إسراعهم إلى الحرب، فإنهم هكذا كانوا في الجاهلية، وأما دعاؤهم الناس إلى النزال، فقد رأيتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيت بلاءهم بين يديه، وأما التمر فإنه كان لنا، فلما ذقتموه غلبتمونا عليه وشاركتمونا فيه، وأما الطفيشل فإنه كان لليهود، فلما ذقناه غلبناهم عليه.
قال: وبلغ ذلك قيس بن سعد بن عبادة، فقال: يا معشر الأنصار! إن ابن آكلة الأكباد قال كذا وكذا، وقد أجاب عنكم صاحبكم النعمان بن بشير، ولعمري لئن وترتموه في الاسلام فقد وترتموه في الجاهلية، وأنتم اليوم مع ذلك اللواء الذي كان جبريل عليه السلام عن يمينه وميكائيل عن يساره، اليوم تقاتلون مع لواء أبي جهل بن هشام ولواء الأحزاب.
قال: فقالت الأنصار: يا بن سيد الخزرج! مرنا بأمرك فها نحن بين يديك.
قال: وكتب قيس بن سعد إلى معاوية.
يا بن هند دع التوثب في الحر * ب إذا نحن في الحروب ثوينا (4) نحن منك الغداة أقرب من أمس‍ * س وقد قرب القنا عسكرينا

(١) بالأصل: وأصبحوا (٢) بالأصل: غيرهم، فقال لهم: خطا.
(٣) الطفيشل ويقال طفيشل فارسي معرب ضرب من اللحم يعالجم بالبيض والجرز والعسل، وفي القاموس: نوع من المرق.
(٤) وقعة صفين ص ٤٤٧ إذا نحن في البلاد نأينا.
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر وقعة الماء وهي أول وقعة صفين 5
2 ذكر الوقعة الثانية بصفين 14
3 ذكر ما جرى بعد ذلك من الكلام 51
4 حديث خالد بن المعمر السدوسي 55
5 ثم رجعنا إلى الخبر 56
6 حديث سودة بنت عمارة الهمذانية مع معاوية 59
7 ثم رجعنا إلى الخبر 61
8 حديث أم سنان المذحجية مع معاوية 65
9 ثم رجعنا إلى الخبر من صفين 68
10 ذكر ما جرى من المناظرة بين أبي نوح وذي الكلاع الحميري 71
11 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 81
12 حديث عدي بن حاتم الطائي مع معاوية 82
13 ثم رجعنا إلى الخبر 83
14 حديث الزرقاء بنت عدي الهمذانية مع معاوية 87
15 ثم رجعنا إلى الخبر 89
16 ثم رجعنا إلى الخبر 103
17 حديث عبد الله بن هاشم مع معاوية 124
18 ثم رجعنا إلى الخبر 126
19 ذكر مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب 128
20 ذكر ما كان بعد ذلك من القتال 131
21 خبر عرار بن الأدهم 141
22 ذكر ما جرى من الكتب بين علي بن أبي طالب وبين معاوية وعمرو بن العاص وابن عباس لما عضهم سلاح أهل العراق 149
23 ذكر مقتل عمار بن ياسر رحمه الله 158
24 ذكر القوم الذين أنفذهم معاوية إلى علي بن أبي طالب يكلمونه في ضع الحرب 168
25 ذكر تحريض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على القتال 171
26 ذكر تحريض معاوية أصحابه على القتال 172
27 ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير 174
28 ذكر صفة ليلة الهرير 180
29 ذكر رفع المصاحف على رؤوس الرماح 181
30 ذكر امتناع القوم من القتال 182
31 ثم رجعنا إلى الخبر 188
32 ذكر ما كان بعد ذلك بينهم من المكاتبة 191