قال: وأصبح (1) القوم وتعبوا للحر ب، وكان علي رضي الله عنه لا يعدل بربيعة أحدا من شدة محبته لهم، فشق ذلك على مضر، فأظهروا الفسح لمعاوية وأبدوا ما في أنفسهم لمعاوية، فأنشأ الحضين بن المنذر الربعي يقول في ذلك.
رأت مضر صارت ربيعة دونها * شعار أمير المؤمنين وذا الفضل وأبدوا إلينا ما تجن صدورهم * علينا من البغضاء هذا له أصل فقلت لهم لما رأيت رجالهم * عيونهم خزر كأن بهم ثقل (2) إليكم إليكم لا أبا لأبيكم * فنحن لنا شكل وأنتم لكم شكل (3) ونحن أناس خصنا الله بالتي * وأنا لها أهلا وأنتم لها أهل فأبلوا بلانا أو أقروا بفضلنا * ولن تلحقونا الدهر ما حنت الإبل قال: فغضب مضر من قول الحضين بن المنذر، فقام أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني (4) في وجوه بني كنانة فسكنهم، وقام عمير بن عطارد بن حاجب في وجوه بني تميم، وقام قبيصة بن جابر في وجوه بني أسد، وقام عبد الله بن الطفيل العامري في وجوه هوازن، فسكن كل رئيس من هؤلاء الرؤساء قومه أن لا يغضبوا فيكون بين ربيعة ومضر ما لا يحسن إذ كانوا إخوة وبني أعمام.
ثم تكلم أبو الطفيل الكناني فقل: يا أمير المؤمنين! إننا والله ما نحسد قوما خصهم الله بالخيرات إن أخذوه (5) وشكروه، وإن هذا الحي من ربيعة قد ظنوا أنهم أولى بك منا وأنك لهم دوننا، فأعفهم من القتال أياما، واجعل لكل امرئ منا يوما نقاتل فيه، فإننا إذا اجتمعنا في الحرب اشتبه عليك بلاؤنا في القتال (6).
قال: فتقدم أبو الطفيل عامر بن واثلة في قومه من بني كنانة، فقاتلوا وطاعنوا فأحسنوا الطعان والضراب، وجعل أبو الطفيل يرتجز ويقول: