قال الجاحظ: فان قالوا: فلعله وهو ابن سبع سنين (1) أو ثماني سنين (2)، قد بلغ من فطنته وذكائه وصحة لبه وصدق حدسه (3) وانكشاف العواقب له وإن لم يكن جرب الأمور، ولا فاتح الرجال، ولا نازع الخصوم، ما يعرف به جميع ما يجب على البالغ معرفته والاقرار به!
قيل (4) لهم انما نتكلم على ظواهر الأحوال، وما شاهدنا عليه طبائع الأطفال، فانا وجدنا حكم ابن سبع سنين أو ثمان - ما لم يعلم باطن امره وخاصة طبعه - حكم الأطفال، وليس لنا ان نزيل ظاهر حكمه والذي نعرف من حال أبناء جنسه بلعل وعسى، لأنا وان كنا لا ندري، لعله قد كان ذا فضيلة في الفطنة، فلعله قد كان ذا نقص فيها!
هذا على تجويز ان يكون علي (عليه السلام) في الغيب (5) قد أسلم وهو ابن سبع أو ثمان اسلام البالغ، غير أن الحكم على مجرى أمثاله واشكاله الذين أسلموا وهم في مثل سنه إذا كان اسلام هؤلاء عن تربية الحاضن، وتلقين القيم، ورياضة السائس.
فاما عند التحقيق، فإنه لا تجويز لمثل ذلك، لأنه لو كان أسلم، وهو ابن سبع أو ثمان وعرف فضل ما بين الأنبياء والكهنة، وفرق ما بين الرسل والسحرة، وفرق ما بين خبر النبي والمنجم، وحتى عرف كيد الأريب (6) وموضع الحجة (7) وبعد غور المتنبي (8) كيف يلبس على العقلاء، وتستمال عقول الدهماء، وعرف الممكن في