ولا يهمه إلا بلوغ هدفه مهما كثرت المجازر، واستحلت المنكرات، والظالمون بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف. ويعدلون عن الصراط المستقيم إلى الضلالة والجهالة واننا إذا فحصنا تقدم الاسلام في زمن رسوله وتقدمه بعده وانخذاله فيما بعد، ووضعنا الأمور والقضايا التاريخية على طاولة التشريح، وفحصناها فحصا دقيقا، واعدنا مركباتها إلى موادها الأولية وحقائقها الأصلية، لوجدنا ان القوم حادوا بعد رسول الله عن الصراط المستقيم السوي، وأصروا على هذا الانحراف حتى أصبح عادة ومنهاجا للقوم إلا النخبة القليلة الذين استقاموا.
تعيرنا أنا قليل عديدنا * فقلت لها إن الكرام قليل ولقد ثبت لنا ونحن نبحث في المسؤولية الجنائية أن المسؤول عن القتل الفجيع لمالك بن نويرة وصحبه والأعمال المنكرة من النهب والسلب وسبي ذويه والنزو على زوجته انما هو الغاصب الأول. الغاصب لمصدر الخلافة من صاحبها الأصلي، والانحراف عن الصراط المستقيم الذي أمر باتباعه الله ورسوله، وإن جميع تلك المظالم بدأت يوم السقيفة ولم يكن بد بعد هذا الغصب إلا الظلم والقسر والجور على ذويه وشيعتهم ومواليهم، وقمع كل من تحدثه نفسه على القول والفعل بالعودة للحق، أو الاعتراض في هذا، والأمر جلي واضح لكل ذي عينين إن حقق ودقق، وهيهات أن تخفى الحقيقة، وهل يجوز لمن قام بتلك المظالم أن يقول ويعترف بظلمه؟ هيهات فلا بد وأن يقول: إنما قمنا بذلك باسم الردة ولكن:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة * وإن خالها تخفى على الناس تعلم والحق يعلو ولا يعلى عليه، والعاقبة للمتقين، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.