الثانية، ثم عدل عمر بقوله: إني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا أشوب كتاب الله بشئ أبدا. وإذا كان حقا يريد أن لا يشيب كتاب الله لكان عليه أن يكتب تلك التي لها صلة بالكتاب وتفسيره حتى لا يبقى هو ومن بعده في ضلال يضربون أخماسا بأسداس في تفاسيرهم؟ وكيف يكتب ذلك في تفسير القرآن وفيه ما فيه من الحجج الداحضة عن ولاية علي وحقوقه المضاعة المغتصبة وحقوق أهل بيته، وفيها فضائله وفضائلهم تلك التي ليس لهم فيها حصة ما، بل سوف تعود عليهم بالويل والثبور، والخزي، ثم هذه الرواية تنفي من روى أن رسول الله منع من تدوين الحديث والسنة. وعن العلامة محمود أبو رية في كتابه " أضواء على السنة المحمدية " عن يحيى بن جعدة أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنة ثم بدا له أن لا يكتبها ثم كتب في الأمصار من كان عنده شئ فليمحه. نعم لأنه رأى ذلك مما لا يتفق والخلافة والمجلس الذي سلبه من آل بيت رسول الله، ولم يكتف بذلك بل حرج على أتقى وأعدل واعلم الصحابة ومنعهم من الخروج من المدينة كي لا يرووا شيئا، وهددهم وخوفهم قسرا، وقد نسبوا إلى علي منع تدوين الحديث وهذا ينطبق عليه نفس الذي طبقناه على ما رووا عن رسول الله بمنع الحديث. نعم إنما منعوا الكذب والأحاديث الموضوعة، وعلي أعلم الأمة بالأحاديث وصحتها، وكان يعلم ما يريده القوم فأراد بتر ذلك الدس وتلك الأكاذيب.
وقول ابن عباس هنا يؤيد ما قلناه، فقد قال: " كنا نكتب العلم ولا نكتبه. أي لا نأذن لأحد أن يكتبه عنا ". عن محمود أبو رية ص 45 من كتابه " أضواء على السنة المحمدية " الطبعة الثانية كما قال في ص 46 وقد ذكروا ان نهي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن كتابة حديثه إنما كان لخوفه من اختلاط الحديث بالقرآن، وهو سبب لا يقتنع به عاقل عالم، ولا يقبله محقق دارس اللهم إلا إذا جعلنا الأحاديث من جنس القرآن في البلاغة، وأن أسلوبها من الاعجاز كأسلوبه، وهذا ما لا يقره أحد حتى