أبو بكر صبرا فقال: أنا يا رسول الله؟ ونسي أنه الرجل الذي اندحر في أولها، فقال له: لا، وقال عمر: أنا يا رسول الله؟ ونسي هو الثاني اندحاره اليوم، فأجابه: لا.
فمن هو؟ وفي الصباح الباكر والكل ينتظر رجل الحملة الذي يفتح الله على يده خيبر، ويقتل شجعانها المعروفين مثل مرحب وغيره، ويقهر حصونها ويفتح أبوابها ويقلعها، فمن هو يا ترى؟ وإذا برسول الله يقول: ائتوني بأخي علي (عليه السلام)، وهنا تنفس المناوئون له، إذ يعلمون أنه أرمد ولا يطيق ذلك، حسدا ونكاية، وسرعان ما أجابوه: إنه أرمد، فقال: ائتوني به وإذا به يمسح عينيه بريقه فيشفيان ويقلده الراية ويأمره بالحملة فيحمل البطل الكرار فيقتل أكبر شجعانها ويهزمهم شر هزيمة فيتحصنون وراء الحصون والقلاع، ودونها باب خيبر العظيمة التي لا يزحزحها الرجال، وإذا بعلي يقتلع تلك الباب العظيمة ويدخلون الحصن فاتحين.
أيها القارئ الكريم! ألم تكن هذه أعظم تجربة في قيادة وزعامة الرجال وقدرتهم الروحية والبدنية؟ وتلك شهادة رسول الله له وتلك تجربته التي أجراها على كل منهم حتى فتحت برجلها المغوار المحنك، الذاب عن رسول الله وناصر الاسلام بنفسه وسيفه واخلاصه.
ويوم حنين ويا له من يوم عظيم، ويا لها من تجربة عظيمة يوم انهزم القوم جميعا فارين تاركين نبيهم وحده، ولم يبق معه سوى سبعة من بني هاشم: العباس آخذ بزمام بغلة النبي، وخمسة يحيطون به للدفاع عنه، وعلي وحده يذب ويدافع ويهاجم دونه، ويقتل كل عدو يريد الاقتراب من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والعباس يصرخ بأعلى صوته: يا أهل بيعة الشجرة، ينادي المسلمين للعودة وعدم الفرار، حتى عاد القوم وكتب الله النصر للمسلمين. وقد كان من الفارين أبو بكر وعمر.
ومن شاء فليطالع التاريخ والسير، وما نقله ابن عبد ربه في محاجة المأمون مع الأربعين فقيها في المحاجة والمناظرة واثبت لهم ذلك، فاعترفوا بالواقع فكأنه