عمر. وقد ذكر ابن أبي الحديد عن ابن عباس قال: خرجت مع عمر إلى الشام في احدى خرجاته، فانفرد يوما يسير على بعيره فاتبعته فقال لي: يا ابن عباس!
أشكو إليك ابن عمك، سألته ان يخرج فلم يفعل ولا أزال أجده واجدا ففيم تظن موجدته؟ قلت: يا أمير المؤمنين إنك لتعلم. قال: أظنه لا يزال كئيبا لفوت الخلافة.
قلت: هو ذاك انه يزعم أن رسول الله أراد الأمر له. فقال: يا ابن عباس! وأراد رسول الله الامر له، فكان ماذا إذا لم يرد الله تعالى ذلك، إلى أن قال وقد روى معنى الخبر بغير هذا اللفظ وهو قوله: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد أن يذكره للأمر في مرضه فصددته عنه خوفا من الفتنة وانتشار امر الاسلام فعلم رسول الله ما في نفسي.
وأمسك، وأبى الله إلا امضاء ما حتم. فانظر إلى هذه المغالطة من عمر فرسول الله لا يداهن ولم ينطق إلا بإرادة الله وأمره، فقد اعترف بالواقع وغالط، فأبو بكر يعرف وصي رسول الله، وإنما أراد مثل صاحبه المغالطة. واما إحراقه للفجاءة، وندمه على ذلك فقد جاء بكامل الجزري أنه اياس بن عبد يا ليل السلمي جاء ابا بكر فقال: أعني بالسلاح أقاتل به أهل الردة، فأعطاه سلاحا وأمره فخان المسلمين، فبعث أبو بكر طريفة بن حاجز فأسره ثم بعث به إليه فأمر أن يوقد له نار في مصلى المدينة ثم رمى به فيها مقموطا.
ونقل عن الفضل بن شاذان عن رواية زياد البطالي وهو من أئمة العامة عن صالح بن كيسان عن إياس بن قبيعة الأسدي الذي شهد فتح القادسية قال: سمعت أبا بكر يقول: ندمت إلا أكون سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ثلاث. وفيه وإلا أكون سألته عن ذبائح أهل الكتاب كما قال ووددت أني لم أتخلف عن جيش أسامة.
وغير ذلك، وكان يعلم أبو بكر في الواقع وهو مريض وهو شيخ كيف خالف أمر الله وأمر رسوله في أعظم وأهول ما امر الله به الأمة الاسلامية، وأية مصيبة أعظم من امر الخلافة والوصاية والموالاة وهو الذي سمع بأذنيه ما خطب رسول الله ودعا