حزن أبي بكر أكان رضا أم سخطا؟ قلت: إن أبا بكر إنما حزن من أجل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خوفا عليه وغما أن يصل إلى رسول الله شئ من المكروه. قال: ليس هذا جوابي إنما كان جوابي أن تقول: رضا أم سخط؟ قلت: بل كان رضا لله، قال: فكان الله جل ذكره بعث إلينا رسولا ينهى عن رضا الله عز وجل وعن طاعته! قلت: أعوذ بالله! قال: أوليس قد زعمت أن حزن أبي بكر رضا لله؟ قلت: بلى، قال: أولم تجد أن القرآن يشهد ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال " لا تحزن " نهيا له عن الحزن؟ قلت: أعوذ بالله!، قال: يا اسحق! ان مذهبي الرفق بك لعل الله يردك إلى الحق، ويعدل بك عن الباطل لكثرة ما تستعيذ به، وحدثني عن قول الله تعالى: (فأنزل الله سكينته عليه) (1) من عنى بذلك؟ رسول الله أم أبا بكر؟ قلت: بل رسول الله، قال: صدقت.
قال حدثني عن قول الله عز وجل: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم) (2) إلى قوله تعالى (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) (3) أتعلم من المؤمنون الذين أراد الله في هذا الموضوع؟ قلت: لا أدري يا أمير المؤمنين! قال: الناس جميعا انهزموا يوم حنين فلم يبق مع رسول الله إلا سبعة نفر من بني هاشم: علي يضرب بسيفه بين يدي رسول الله، والعباس آخذ بلجام بغلة رسول الله، والخمسة محدقون به خوفا من أن يناله من جراح القوم شئ، حتى أعطى الله لرسوله الظفر.
فالمؤمنون في هذا الموضع، علي خاصة ثم من حضره من بني هاشم، قال: فمن أفضل من كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك الوقت، أم من انهزم عنه ولم يره الله موضعا لينزلها عليه؟ قلت: بل من أنزلت عليه السكينة.
قال: يا إسحاق! من أفضل؟ من كان معه في الغار أم من نام على فراشه ووقاه بنفسه، حتى تم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أراد من الهجرة؟ ان الله تبارك وتعالى أمر رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأمر عليا بالنوم على فراشه، وأن يقي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسه،