وقال المعافي بن زكريا: حدثنا ابن دريد أخبرنا السكن بن سعيد، عن العباس بن هشام، عن أبيه قال: حدثنا الوليد بن عبد الله الجعفي عن أبيه، عن أشياخ قومه، قالوا: كانت عند أبي سبرة وهو يزيد بن مالك بن عبد الله بن الذؤيب بن سلمة بن عمرو بن ذهل بن مروان بن جعفي امرأة منهم، فولدت له سبرة وعزيز، ثم ماتت فورثها ابناها إبلا، ثم تزوج أبو سبرة أخرى، فجفا ابنيه ونجاهما عنه، فكانا في إبلها التي ورثاها من أمها، فلما بلغهما مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم، قال سبرة لمولى لأمه، كان يرعى عليه: ابغني ناقة كنازا، يعني كثيرة اللحم مجتمعة الجسم ذات لبن، فأتاه بها فركبها، وهو يقول لأبيه:
ألا بلغا عني يزيد بن مالك * أما بال الشيخ أن يتذكرا رأيت أبانا صد عنا بوجهه * وأمسك عنا ماله وتمرا ثم توجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل أخوه عزيز، فقال للمولى: أين أخي؟ قال:
ندت ناقته، فذهب في طلبها، فنظر في الإبل فلم ير شيئا، فقال للمولى:
لتخبرني، فأخبره وأنشده البيتين فدعا بناقة فركبها وهو يقول:
ألا بلغا عني معاشر مذجح * فهل لي من بعد ابن أمي معشرا؟
ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم أقبل أبو سبرة، فقال للمولى: أين أخي؟ قال:
ندت ناقته، فذهب في طلبها، فنظر في الإبل فلم ير شيئا، فقال للمولي: أين ابناي؟ فأخبره خبرهما وأنشده شعريهما، فركبها وهو يقول:
وسبرة كان النفس لو أن حاجة * ترد ولكن كتان أمرا تيسرا وكان عزيز خلتي فرأيته * تولى ولم يقبل علي وأدبرا ثم لحق بهما، وخلف عند المولى غلاما له يقال له: شنقرا فمكث المولى أياما، ثم لحق بهم، وأنشأ يقول:
بدلت إيناسا حيالا وشنقرا * بأهلي لا أرضي به أولئك فأتى أبو سبرة النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابناه فأسلموا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعزيز: ما اسمك؟ فقال عزيز، قال: لا عزيز إلا الله، أنت عبد الرحمن (1).