إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) (١)، سواء كان المعنى أنا ومن اتبعني يدعو إلى الله على بصيرة، أو كان الوقف عند قوله: ﴿أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني﴾ (٢) فالقولان متلازمان، فإنه أمره - سبحانه وتعالى - أن يخبر أن سبيله الدعوة إلى الله، فمن دعا إلى الله - تعالى - فهو على سبيل رسوله وهو على بصيرة، وهو من أتباعه، ومن دعا إلى غير ذلك فليس على سبيله، ولا هو على بصيرة، ولا هو من أتباعه، فالدعوة إلى الله تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم، وهو خلفاء الرسل في أممهم، والناس تبع لهم، وقد أمر الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ ما أنزل إليه وضمن له حفظه وعصمته من الناس، وهكذا المبلغون عنه من أمته لهم من حفظ الله - تعالى - لهم وعصمته إياهم بحسب قيامهم بدينه، وتبليغهم شريعته، وقد أمر صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه ولو آية، ودعا لمن بلغ عنه ولو حديثا، فتبليغ سنته إلى أمته أفضل من تبليغ السهام إلى نحو الأعداء، لأن تبليغ السهام يفعله كثير من الناس وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم، كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله تبارك وتعالى عنه - في خطبته التي ذكرها ابن وضاح في كتاب (الحوادث والبدع): الحمد لله الذي أمتن على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويحيون بكتاب الله من مات من أهل العمى، كم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وضال تائه قد هدوه، وبذلوا دماءهم وأموالهم دون هلكة العباد، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس فيهم، يقتلونهم في سالف الدهر وإلى يومنا هذا، فما نسيهم ربك ﴿وما كان ربك نسيا﴾ (3) جعل قصصهم هدى، وأخبر عن مقالتهم فلا تقمر عنهم، فإنهم في منزلة رفيعة، وإن أصابتهم الوضيعة.
وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله تبارك وتعالى عنه: إن لك عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليا من أوليائه يذب عنها، وينطق بها، ويكفي في