وهذا الحديث أخرجه البخاري من كتابه في أربعة مواضع، عن هدبة بن خالد، وتابع قتادة على روايته عن أنس عباد بن علي، هكذا ذكره البخاري في بعض الروايات عنه.
وروى أبو محمد ثابت بن أسلم البناني، عن أنس [رضي الله عنه]، عن النبي صلى الله عليه وسلم متصلا، ولم يذكر بينهما أحدا، ورواه أبو عبد الله شريك بن عبد الله بن أبي نمر الليثي، عن أنس رضي الله عنه، موقوفا عليه، ثم صح النقل إلى كل واحد منهم، مع حفظهم وإتقانهم، فاحتجنا أن نطلب لهذا الاختلاف وجها، إذ ليس في بعض الأسانيد من يحمل عليه، فيسقط من طريق الترجيح.
فلم يبق إلا أن نقول: هذه قصة جرت بمكة، لم يحضرها أنس [رضي الله عنه]، وإنما [سمعها] من غيره، سمعها أولا من أبي ذر، ومالك بن صعصعة، ثم سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم، والدليل على ذلك: أنا رأيناه سمع أحاديث من صحابي، ثم رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك في روايته عن عبادة ابن الصامت، مشهور عند أهل الحديث.
ثم ذكر ابن طاهر من طريق البغوي، حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا ثابت عن أنس [رضي الله عنه] قال: حدثني محمود بن الربيع، عن عتبان بن ملك [قال:] فقدمت المدينة، فلقيت عتبانا فقلت: حديث بلغني عنك، قال: أصابني في بصري بعض الشئ، فذكر الحديث بطوله، فأنس رضي الله عنه سمع هذا الحديث من محمود، بن الربيع، وهو أصغر منه، ولم يقتصر على قوله، حتى رحل إلى المدينة، فسمعه من عتبان، على أن هذا الحديث على الذي رحل لأجله، وسمعه من غيره، لا يقاوم حديث الإسراء في الجلالة والشهرة، فتحققنا أنه سمعه بعد ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، والدليل عليه، رواية جابر بن عبد الله [رضي الله