من شأنه، ويقول: إن الوهم في قوله: (وذلك قبل أن يوحى إليه) صحيح، وبالوهم لا يسقط حديث المحدث الثقة الحافظ، على أن هذا الوهم قديم على من روى عنه هذا الحديث إلى عصر ابن حزم، ولم يستدركه أحد وقد قال يحيى بن معين: لو تركنا أحدا لكثرة غلطه، لتركنا حديث عيسى ابن يونس، على أن هذا الوهم ليس فيه ارتكاب كبيرة يترك لأجلها حديثه، وإنما هو وهم في التاريخ، ولو ترك حديث من وهم في تاريخ، لترك جماعة من أئمة المسلمين لاختلافهم في التواريخ في [الوفيات] وغيرها، ولعله أراد أن يقول: وذلك بعد أن أوحي إليه بنحو من كذا، فقال: وذلك قبل أن يوحى إليه، جريان اللسان، وهذا الوهم على الحقيقة، إنما يأتي من جهة ثلاثة: إما أنس رضي الله عنه، وإما شريك، وإما سليمان، فلم خصه من بينهم بهذا الوهم؟ فدل جميع ذلك عن أن كلامه في شريك لا وجه له. وأما احتجاجه بقول عائشة رضي الله عنها، فذكره ابن طاهر من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، عن ذكريا بن أشوع، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة [رضي الله عنها قالت:] قلت [لها]: (دنا فتدلى)، قالت: ذاك جبريل [عليه السلام]، ثم قال: وهذا حديث مخرج في الصحيحين من حديث أبي أسامة، وحماد بن سلمة، عن زكريا بن أبي زائدة، ويعد في أفراد زكريا، عن سعيد بن عمرو بن أشوع.
والحديث موقوف على عائشة [رضي الله عنها] لم يتجاوز به غيرها، فيكون مع اتفاقه والتفرد الذي في إسناده، قول واحد من الصحابة، [رضي الله عنهم] والكلام عليه من وجهين:
أحدهما: أن قولها يدل على [أن] الموحي جبريل [عليه الصلاة والسلام]، وأجمعت الأمة على [أن] الموحي هو الله عز وجل، لقوله [تبارك] وتعالى: (فأوحى إلى عبده ما أوحى).