وأما الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إلى السماوات العلى ورؤيته آيات ربه الكبرى فإنه ثابت بكتاب الله العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة، المستفيضة عنه بالنقل، من حديث عبد الله بن مسعود، وأبي ذر، وحذيفة، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، ومالك بن صعصعة، وأبي بن كعب وأنس بن مالك، وشداد بن أوس، وأبي ليلى الأنصاري، وعبد الرحمن بن قرظ، وأم هاني بنت أبي طالب، رضي الله عنهم، حتى صار في الثبوت مصير التواتر.
قال الله جل وعز سبحانه: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير﴾ (1).
إعلم أن التسبيح هو التنزيه، والتنزيه والتبعيد مأخوذ من قولهم: سبح الرجل في الأرض إذا ذهب فيها، ومنه قيل للفرس إذا كان جيد الركض:
سابح، ومنه السبح في الماء، فقولك: سبحت الله، أي نزهته وبرأته مما لا يليق بجلاله، وأصل المعنى والاشتقاق، باعدته مما لا يليق به، أي جعلته بمعزل منها، متباعدا تباعد المنزلة والرتبة (2).