أو صدقت.
وقد سئل الإمام أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن معنى هذا الحديث - يعني قول عائشة رضي الله عنها: من حدثك أن محمدا [صلى الله عليه وسلم] رأى ربه؟ - فقال: معناه في الدنيا، والنبي صلى الله عليه وسلم حيث عرج به، صار إلى الآخرة، فلما صح الإسناد إلى هذين الصحابيين، كان الرجوع إلى قولهما أولى بلا خلاف بين أئمة المحدثين وهو ظاهر الآية، فلا يترك الظاهر مع قوليهما، ويرجع إلى قول من فسر القرآن على حسب رأيه ومراده، وتأويل من تأوله، على وفق مذهبه واجتهاده [وبذلك صح] ما رسمناه، وأن البخاري ومسلما في تخريجهما هذا الحديث مصيبان، وأن المعترض عليهما دخل عليه الوهم في نقده عليهما، لأنه وإن كان إماما مفتيا في علوم شتى، إلا أن كلامه على هذا الحديث يدل على أنه لم يسلك طريق الحفاظ في تعليل الحديث.
وذلك أن الحفاظ النقاد، إنما يعللون الحديث من طريق الإسناد، الذي هو المرقاة إليه، وهذا الرجل علل من حيث اللفظ، ولم يقف على أن لهذا اللفظ متابعات مع صحة النقل إليهما، والدليل على ذلك، أنه لو شرع في تعليله من طريق الإسناد، لوجد طريقا إلى ذلك، لاختلاف الرواة على أنس في إيراد هذا الحديث، على أن الجواب عن الاختلاف إن اعترض عليه معترض من أهل الصنعة، هو أن هذا الحديث رواه عن أنس أربعة من ثقات التابعين، فسلك كل رجل منهم في إيراده غير طريق صاحبه.
[وروى] أبو بكر محمد بن مسلم الزهري، عن أنس، عن أبي ذر جندب بن جنادة، وتابع عقيلا - يعني في روايته - عن ابن شهاب يونس ابن يزيد الأملي، وعنه مخرج في الصحيحين، ورواه أبو خطاب قتادة بن دعامة السدوسي، عن أنس [بن] مالك، عن مالك بن صعصعة الأنصاري.